لتحصيل الترتيب في القضاء إذ هو واجب عندنا، فإن نوى مع الإمام أداء جماعة سومح ورخص له في ذلك، ولا يعيدها مرة أخرى والصحيح هو الأول.
فإن كان في عمره الماضي مخلطًا في دينه من الذين قال الله تعالى في حقهم:{وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وأخر سيئا عسى الله أن ينوب عليهم}[التوبة: ١٠٢] تارة يغلب عليه الإيمان فيحسن العمل من صلاته وصيامه والتحرز من النجاسات والمحرم في الشرع ويحتاط لدينه، وأخرى تغلبه الشقاوة وتزيين الشيطان فينجس في صلاته ويتساهل في شرائطها وأركانها وواجباتها، فيأتي ببعضها ويترك بعضًا، أو يصلي يومًا ويترك أيامًا، أو يصلي من صلاة يوم وليلة صلاة أو صلاتين ويترك باقيها، فليجتهد وليتحر في ذلك، فما تيقن أنه أتى بها على التمام والكمال على وجه يسوغ في الشرع لم يقضها ويقضي الباقي، وإن نظر لنفسه وأرتكب العزيمة والأشد فقضي الجميع كان ذلك أحتياطًا وخيرًا قدمه لنفسه، وكفارة وترقيعًا لكل ما فرط من سائر الأوامر يوم القيامة، ودرجات في الجنة إذا مات على التوبة والإسلام والسنة.
وإذا فرغ من قضاء الفرائض ومد الله في أجله، وأمهل في مدته، ووفقه لخدمته، ورضيه لطاعته، وأقامه في أهل محبته، وأنقذه من ضلالته، وأخرجه من مرافقه الشيطان ومتابعته ومن ركوب الهوى، وملاذ نفسه، فأدبره من دنياه، وأقبله على أخراه، فليشتغل حينئٍذ بقضاء السنن المؤكدات وما يتعلق بكل صلاة على مما ذكرناه في الفرائض.
ثم بعد ذلك يجتهد في التهجد وصلاة الليل والأوراد التي نشير إليها في آخر الكتاب إن شاء الله تعالى.
وأما الصوم فإن كان تركه في سفر أو مرض أو أفطر عمدًا في الحضر أو ترك النية ليلًا عمدًا أو سهوًا، فليقض ذلك جميعه، وإن شك في ذلك، فليتحر ويجتهد في ذلك فلقض ما غلب على ظنه تركه، ويترك باقية فلا يقضيه، وإن أخذ بالأحوط فقضى الجميع كان خيرًا له، فيحسب من حين بلوغه إلى حين توبته، فإن كان بين ذلك عشر سنين صام عشرة أشهر، وإن كان اثنتي عشرة سنة صام سنة عن كل سنة شهرًا وهو شهر رمضان.