له، ففي إعتاقه إيجاد، فكان القاتل أعدم عبدًا عابدًا لله تعالى وعطل طاعته له، فجني على حقه، فأمره بإقامة عبد مثله عابد الله تعالى، ولا يتحقق ذلك إلا يعتقد عن رق العبودية، فيتصرف في نفسه لنفسه من غير مانع ولا حاجر، فيقابل الإعدام بالإيجاد، وهذا في حق الله تعالى.
وأما في حق العباد فلا يخلو إما أن يكون في النفوس أو في الأموال أو الأعراض أو القلوب، وهذا هو الإيذاء المحض.
وأما إذا كانت المظلمة في النقوس بأن جرى على يده قتل خطأ، فتوبته بتسليم الدية إلى من يستحقها من مناسب، أو مولى أو الإمام، فهي في عهدة ذلك حتى تصل الدية إليهم، إما من العاقلة، والعاقلة هو القرابة العصيبة، أو الإمام.
فإن لم تكن له عاقلة، ولا وجد في بيت المال شيء سقطت، فإن كان هو قادرًا على أدائها ولا عاقلة له، فليس له غير عتق رقبة مؤمنة، فإن تطوع بالدية كان أولى، إذ الدية إنما تجب عندنا على العاقلة، فلا يخاطب بها القاتل وهو الصحيح.
وقيل: إنه يجب عليه أداء الدية في هذه الحالة إذا لم تكن له عاقلة وله يسار، وهو مذهب الشافعي رحمه الله، لأن الدية تجب ابتداء على القاتل، ثم تتحملها عنه العاقلة على وجه التخفيف عنه والنصرة له، والمواساة له في الغرامة لما بينهما من التوارث، وقد عدمت العاقلة هاهنا، فوجبت عليه، لا سيما وهو في حالة التوبة والخروج من المظالم والتورع والخلاص عن حقوق الآدميين.
وأما إن كان القتل عمدًا فلا يتخلص إلا بالقصاص، وكذلك إن كان دون النفس في محل يمكن الاقتصاص منه، فإن كان في النفس، فالكلام مع الوارث، وإن كلن فيما دون النفس فمع المجني عليه، فإن طابت النفوس بإسقاط ذلك والعفو عنه سقط، وإن طلبوا العفو على مال بذله وتبرأ عن عهدته.
فإن قتل قتيلًا ولم يعرف أنه هو القاتل كان عليه أن يعترف عند ولي الدم، ويحكمه في روحه، فإن شاء عفا عنه، وإن شاء قتله أو أخذ المال عليه، ولا يجوز له إخفاؤه لأنه لا يسقط بمجرد التوبة، فإن قتل جماعة في أوقات مختلفة ومحال متعددة، وقد تقادم الزمان، ولا يعرف أولياءهم ولا عدد من قتلهم، أحسن توبته وعمله، وأقام على نفسه حد الله بأنواع المجاهدات والتعذيب لها، والعفو عمن ظلمه وآذاه، وأعتق