الرقاب، وتصدق بمال، وأكثر النوافل، ليفرق ثواب ذلك عليهم على قدر حقوقهم يوم القيامة، فينجو هو، ويدخل الجنة برحمة الله تعالى التي وسعت كل شيء وهو أرحم الراحمين.
ولا فائدة إذ ذاك في التحدث بما جرى عليه من أنواع القتل والجراحات وقطع الطريق، إذ لا يعثر بأربابها ومستحقيها ليوفيهم أو يستحل منهم، بل يشتغل بما ذكرناه. وكذلك إن زنا أو شرب أو سرق، ولا يعرف مالكها، أو قطع الطريق ولا يعرف المقطوع عليه، أو باشر امرأة دون الفرج مما يجب فيه حد الله أو التعزيز، فإنه لا يلزمه في صحة التوبة أن يفضح ويهتك ستره، ويلتمس من الإمام أو الحاكم إقامة الحدود عليه، بل يستتر بستر الله تعالى، وينوب إلى الله عز وجل فيما بينه وبين الله، ويستغل بأنواع المجاهدات من صيام النهار، والتقلل من المباح واللذات، وقيام الليل، وقراءة القرآن وكثرة التسبيح والتورع، وفير ذلك، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "من أتى بشيء من هذه القاذورات فليستتر بستر الله تعالى عليه، ولا يبدي لنا صفحته، فإن من أبدى لنا صفحته أقمنا عليه حدود الله".
فإن خالف ما قلناه، ورفع أمره إلى الوالي فأقام عليه الحد وقع موقعه وصحت توبته، وتكون مقبولة عند الله، وبريء من عهدة دينه، وتطهر من آثمة ولطخه.
وأما الأموال، فإن كان تناول إنسان بغصب أو سرقة أو قطع طريق أو خيانة في عين من وديعة أو عارية أو معاملة بنوع تلبيس، كترويج زائف أو ستر عيب في المبيع، أو نقص أجرة أجير، أو منع أجرته جملة فكل ذلك عليه أن يفتش عنه لا من مدة بلوغه، بل من مدة وجود ذلك بعد بلوغه وعقله وتمييزه، أو قبل بلوغه وهو في حجر وليه ووصيه، واختلط ماله بماله، وتهاون الولي في ذلك، ولم يبال به بأن كان ظالمًا مجازنا في دينه فاختلط ذلك الحرام بمال الصبي تارة من فعل الصبي، وأخرى من ظلم الوصي وجب علي الصبي النائب بعد بلوغه تفتيش ذلك، ورد كل حق إلى أهله، وتصفيه ماله من تلك الشبهات والحرام، فليحاسب نفسه على الحبات والذرات من أول يوم جنايته إلى يوم توبته، قبل أن يأتيه الموت على غفلة من غير حساب، وتقوم عليه القيامة على غرة من غير تحصيل ثواب وتهذيب كتاب فيسأل فلا يسمع جوابًا، ويندم