وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيقاص هذا من حسناته، وهذا من حسناته فإذا فنيت حسناته أخذ من خطاياهم فطرحت عليه، ثم طرح في النار» فينبغي للمذنب أن يبادر إلى التوبة.
وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي أنه قال:"هلك المسوفون؛ يقول سوف نتوب".
وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله عز وجل:{بل يريد الإنسان ليفجر أمامه}[القيامة: ٥] يعني يقدم ذنوبه ويؤخر توبته، ويقول: سأتوب حتى يأتي الموت، وهو على شر ما كان عليه فيموت عليه.
وقال لقمان الحكيم لابنه: يا بني لا تؤخر التوبة إلى غد، فإن الموت يأتيك بغتة، فالواجب على كل أحد أن يتوب حين يصبح وحين يمسي.
قال مجاهد رحمه الله: من لم يتب إذا أصبح وأمسى فهو من الظالمين.
فالتوبة على وجهين:
أحدهما: في حق العباد، وقد ذكرناها.
والثاني: بينك وبين الله تعالى فتكون بالاستغفار باللسان والندم بالقلب والإضمار على ألا يعود على ما أشرنا إليه من قبل.
فليجتهد هذا التائب من الظلم، ويبذل جهده في تكثير الحسنات حتى يقتص منه يوم القيامة، فتؤخذ حسناته وتوضع في موازين أرباب المظالم، ولتكن كثرة حسناته بقدر كثرة مظالمه للعباد وإلا هلك بسيئات غيره، وهذا يوجب استغراق جميع العمر في الحسنات لو طال عمره بحسب مدة الظلم، فكيف والموت على الرصد، وربما يكون الأجل قريبًا فتخترمه المنية قبل بلوغ الأمنية، وقبل إخلاص العمل، وتصحيح النية وتصفية اللقمة، فليبادر إلى ذلك، وليبذل الاجتهاد فيكتب جميع ذلك، وأسامي أصحاب المظالم واحدً واحدًا، وليطف نواحي العالم وأطراف البلاد وأقطارها يطلبهم ليستحلهم وليؤد حقوقهم، فإن لم يجدهم فإلى ورثتهم، وهو مع ذلك خائف من عذاب الله، راج لرحمته تائب مقلع عن جميع ما يكره مولاه، مثمر في طاعته