سهل بن سعد -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال:"ألا إن رجب من الأشهر الحرم، وفيه حمل الله نوحًا في السفينة، فصامه نوح في السفينة، وأمر من كان معه بصيامه، فأنجاهم الله تعالى وأمنهم من الغرق، وطهر الله الأرض من الكفر والطغيان بالطوفان".
وقيل: إنه سمى أصم لأنه أصم عن جفائك وزلتك وسميع بفضلك يا مؤمن وشرفك، فجعله الله تعالى أصم من جفائك وزلتك، لئلا يشهد عليك بها يوم القيامة، بل يكون شهيدًا لك لما سمع من فضلك وإحسان العمل فيه.
وأما الأصب فمعناه، أنه تصب الرحمة فيه صبًا على العباد، ويعطيهم الله تعالى من الكرامات والمثوبات ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.
من ذلك ما أخبرنا الشيخ هبه الله بن المبارك السقطي رحمه الله بإسناد عن إبراهيم، عن علقمة، عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: " {إن عدة الشهور عند الله أثنا عشر شهرًا في كتاب الله يوم خلق السموات والأرض منها أربعة حرام}[التوبة: ٣٦].
فوجب يقال له شهر الله الأصم، وثلاث أخر متواليات، يعني: ذا القعدة وذا الحجة والمحرم، ألا إن رجب شهر الله، وشعبان شهري، ورمضان شهر أمتى.
فمن صام من رجب يومًا إيمانًا واحتسابًا استوجب رضوان الله الأكبر، وأسكن الفردوس الأعلى، ومن صام منه يومين فله من الأجر ضعفان، وزن كل ضعف مثل جبال الدنيا، ومن صام من رجب ثلاثة أيام جعل الله بينه وبين النار خندقًا طوله مسيرة سنة، ومن صام من رجب أربعة أيام عوفى من البلايا ومن الجنون والجذام والبرص ومن فتنة المسيح الدجال، ومن صام منه خمسة أيام وقى من عذاب القبر، ومن صام منه ستة أيام خرج من قبره ووجهه أضوأ من القمر في ليلة البدر، ومن صام منه ثمانية أيام فإن للجنة ثمانية أبواب، يفتح الله له بصوم كل يوم بابًا من أبوابها، ومن صام منه تسعة أيام خروج من قبره وهو ينادي: أشهد أن لا إله إلا الله ولا يرد وجهه دون الجنة، ومن صام منه عشرة أيام جعل الله تعالى له على كل ميل من الصراط فراشًا يستريح عليه، ومن صام منه حدى عشر يومًا لم ير في القيامة أفضل منه، إلا من صام مثله أو زاد عليه، ومن صام من رجب اثنى عشر يومًا كساه الله تعالى يوم القيامة