للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السلام -: {من أنصاري إلى الله} [الصف: ١٤، وآل عمران: ٥٢] يعني من ينصرني مع الله على أهل الكفر والطغيان فأدعوهم إلى طاعة الله تعالى وتوحيده فـ {قال الحواريون نحن أنصار الله} [الصف: ١٤، وآل عمران: ٥٢] فتركوا معيشتهم واتبعوا عيسى -عليه السلام -يسبحون معه أينما توجه من الأرض، فيرون العجائب والمعجزات التي تجرى على يده عليه السلام -، فأي وقت جاعوا أو احتاجوا إلى الطعام أخرج عيسى يده فأخرج من الأرض لكل واحد منهم رغيفين ولنفسه كذلك، وكان جبريل -عليه السلام يمشي معه ويريه العجائب ويؤيده ويبصره بالأشياء، فما زال عيسى -عليه السلام -يرى بني إسرائيل العجائب ولم يزدهم ذلك إلا بعدًا من تصديقه وإتباعه، حتى يخرج معه يومًا خمسة آلاف بطريق من بني إسرائيل وسألوه المائدة مع الحواريين، فقال عيسى ابن مريم -عليه السلام -عند ذلك: {اللهم ربنا أنزل علينا مائدة من السماء تكون لنا عيدًا لأولنا وآخرنا} [المائدة: ١١٤].

يقول: تكون عيدًا لمن كان في زماننا عند نزول المائدة، وتكون عيدًا لمن بعدنا، وتكون المائدة {آية منك وارزقنا} [المائدة: ١١٤] يعني المائدة {وأنت خير الرازقين} [المائدة: ١١٤] من غيرك فإنك خير من يرزق {قال الله} [المائدة: ١١٥] تعالى: {إني منزلها} [المائدة: ١١٥] يعني المائدة عليكم {فمن يكفر بعد منكم} [المائدة: ١١٥] أي بعد نزولها منكم {فإني أعذبه عذابًا لا أعذبه أحدًا من العالمين} [المائدة: ١١٥] فأنزلها الله عليهم يوم الأحد من السماء سمكًا طريًا وخبزًا رقاقًا وتمرًا.

وقيل: كانت سفرة فيها سمكة مشوية، وعند رأسها ملح وعند ذنبها خل وفيها خمسة أرغفة، على كل رغيف زيتونة، وخمس رمانات وتمرات قد نضد حولها من البقول ما خلا الكراث.

وقيل: إن عيسى -عليه السلام -قال لأصحابه وهم جلوس في روضة: هل مع أحد منكم شيء؟ فجاء شمعون بسمكتين صغيرتين وخمسة أرغفة، وجاء آخر بشيء من السويق، فعمد عيسى -عليه السلام -فقطعهما صغارًا وكسر الخبز فوضعه فلقًا، ووضع السويق، وتوضأ ثم صلى ركعتين ودعا ربه، فألقى الله سبحانه وتعالى على أصحابه شبه السبات، ففتح القوم أعينهم وزاد الطعام حتى بلغ الركب، فقال عيسى -عليه السلام -للقوم: كلوا وسموا الله ولا ترفعوا، وأمرهم أن يجلسوا حلقًا حلقًا، فجلسوا وأكلوا

<<  <  ج: ص:  >  >>