وإنما نص النبي- صلى الله عليه وسلم- على ذات الدين، لأنها تعين الزوج على معيشته وتقنع باليسير، والباقيات يوقعنه في الوزر والوبال، إلا أن يسلمه الله تعالى من ذلك.
وقد فسر أكثر المفسرين قوله عز وجل:{فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم}[البقرة: ١٨٧] المباشرة: بالجماع، والابتغاء: بابتغاء الولد، أي اطلبوا الولد بالمباشرة.
وكذلك ينبغي للمرأة أن تنوي بذلك تحصين فرجها والولد والثواب الجزيل عند الله بالصبر عند الزوج وعلى الحبل والولادة وتربية الولد، لما روى زياد بن ميمون عن أنس ابن مالك رضي الله عنه قال: إن امرأة كان يقال لها الحولاء عطارة من أهل المدينة دخلت على عائشة رضي الله عنها فقال: يا أم المؤمنين زوجي فلان أتزين له كل ليلة وأتطيب كأني عروس زفت إليه، فإذا آوى إلى فراشه دخلت عليه في لحافه، وألتمس بذلك رضا الله تعالى حول وجهه عني أراه قد أبغضني، فقالت: اجلسي حتى يدخل رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قالت: فبينما أنا كذلك إذ دخل رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقال: ما هذه الريح التي أجدها، أتتكم الحولاء؟ هل ابتعتم منها شيئًا؟ قالت عائشة رضي الله عنها: لا والله يا رسول الله، فقصت الحولاء قصتها، فقال لها رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: اذهبي واسمعي وأطيعي له، قالت: أفعل يا رسول الله، فما لي من الأجر؟ قال- صلى الله عليه وسلم-: ما من امرأة رفعت من بيت زوجها شيئًا ووضعته تريد به الإصلاح إلا كتب الله تعالى له حسنة ومحا عنها سيئة، ورفع لها درجة، وما من امرأة حملت من زوجها حين تحمل إلا كان لها من الأجر مثل القائم ليلة والصائم نهاره والغازي في سبيل الله، وما من امرأة يأتيها طلق إلا كان لها بكل طلقة عتق نسمة، وبكل رضعة عتق رقبة، فإذا فطمت ولدها ناداها منادٍ من السماء: أيتها المرأة قد كفيت العمل فيما مضى فاستأنفي العمل فيما بقى. قالت عائشة رضي الله عنها: قد أعطى النساء خيرًا كثيرًا، فما بالكم يا معشر الرجال فضحك رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ثم قال: ما من رجل أخذ بيد امرأته يراودها إلا كتب الله له حسنة، فإن عانقها فعشر حسنات، فإذا أتاها كان خيرًا من الدنيا وما فيها، فإذا قام ليغتسل، لم يمر الماء على شعرة من جسده إلا تكتب له بكل قطرة حسنة، وتمحى عنه سيئة وترفع له درجة، وما يعطى بغسله خير من الدنيا وما فيها، وأن الله عز وجل