للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا شك أن الغنية في ذلك تحصل بما ورد من أدلة الكتاب والسنة وإجماع الأمة، وأما النظريات العلمية فهذه مما يستأنس بها، ولكن لا يُركن ولا يستند إليها في الإثبات أو النفي؛ وذلك أنها نظريات بشرية قد يرد عليها الخطأ، ويدركها الوهم، ويعتريها التغيير، لذا فالركون إليها قد يسبِّب البلبلة لدى البعض في ثوابت الشرع، وهذا مقام بيِّن الخطورة لمن يتأمله.

{وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} [النساء: ٨٢].

* الفائدة الثانية: غلق باب التوبة بطلوع الشمس من مغربها:

*عَنْ أَبِي مُوسَى-رضى الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ:

«إِنَّ اللهَ -عَزَّ وَجَلَّ - يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ، وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ، حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا». (١)

قال ابن كثير بعد ذكره لقول الله تعالى: (يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا...)،

وذكره لجملة من الأحاديث التي جاءت في طلوع الشمس من مغربها، قال:

فهذه الأحاديث المتواترة مع الآية الكريمة دليل على أن من أحدث إيماناً وتوبة بعد طلوع الشمس من مغربها لا يقبل منه؛ وإنما كان كذلك - والله أعلم - لأن ذلك من أشراط الساعة وعلاماتها الدالة على اقترابها ودنوها؛ فعُومل ذلك الوقت معاملة يوم القيامة. (٢)

وقال ابن كثير في قوله تعالى: {لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ}

أي: إذا أنشأ الكافر إيماناً يومئذ؛ لا يقبل منه، فأما من كان مؤمناً قبل ذلك؛ فإن كان مصلحاً في عمله؛ فهو بخير عظيم، وإن لم يكن مصلحاً؛ فأحدث توبة حينئذٍ لم يقبل منه


(١) أخرجه مسلم (٢٧٥٩) وأحمد (١٩٥٢٩)
(٢) وانظرالنهاية في الفتن والملاحم (١/ ١٢١) وأصول السنة لابن أبي زَمَنِين (ص/١٨٤)

<<  <  ج: ص:  >  >>