للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

توبته؛ كما دلت عليه الأحاديث الكثيرة، وعليه يُحمل قوله تعالى: {أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا}:

ولا يقبل منها كسب عمل صالح إذا لم يكن عاملاً به قبل ذلك". (١)

* تنبيه:

من العلماء من فصَّل في قبول التوبة بعد طلوع الشمس من مغربها فقال:

أن من رأى طلوع الشمس من المغرب، أو ولد بعد ذلك وبلغ وسمع من جماعة حصل له يقين بقولهم إن الشمس طلعت من المغرب لا يقبل إيمانه ولا توبته.

وأما إن امتدت أيام الدنيا إلى أن ينسى الناس من هذا الأمر العظيم ما كان، ولا يتحدثوا عنه إلا قليلاً فيصير الخبر عنهم خاصاً وينقطع التواتر، فمن أسلم في ذلك الوقت أو تاب قُبِل منه. (٢)

وقد استدلوا على ذلك بما يُروى عن عبد الله بن عمرو -رضى الله عنهما- مرفوعاً:

" تبقى الناسُ بعدَ طلوعِ الشمسِ من مغربها عشرين ومائة سنة ".

** والراجح -والله أعلم-خلاف ذلك:

فحجب التوبة عن الكافر والعاصي لا يختص بيوم طلوع الشمس من مغربها، بل يمتد إلى يوم القيامة، خلافاً لمن زعم أنه يمتنع قبول الإيمان والتوبة وقت طلوع الشمس من المغرب أي في تلك الحالة، وأن من تاب بعد ذلك أو أسلم قُبل ذلك منه.

-ومما يدل على ذلك ما يلي:

١ - روى عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاص-رضى الله عنهما- أن النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ:

" وَلا تَزَالُ التَّوْبَةُ مَقْبُولَةً حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنَ المَغْرِبِ، فَإِذَا طَلَعَتْ طُبِعَ عَلَى كُلِّ قَلْبٍ بِمَا فِيهِ، وَكُفِيَ النَّاسُ الْعَمَلَ ". (٣)


(١) تفسير القرآن العظيم (٣/ ٢٣٢)
(٢) وانظرالمفاتيح في شرح المصابيح (٣/ ١٨٧) وتفسير القرطبي (٧/ ١٤٦) والتوضيح لشرح الجامع الصحيح (٢٢/ ٣٤٩)
(٣) أخرجه أحمد (١٦٧١)، وقال ابن كثير في تفسيره (٣/ ٢٣٢): "هذا الحديث حسن الإسناد ". وقال الألباني في الإرواء (٥/ ٣٤): " وهذا إسناد شامى حسن، رجاله كلهم ثقات "، وقال الشيخ أحمد شاكر: " إسناده صحيح"

<<  <  ج: ص:  >  >>