للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- تعالى- لا مضاد له، والاستيلاء بعد المغالبة، أَمَا سَمِعْتَ النَابِغَةَ:

أَلَا لِمِثْلِكَ أَوْ مَنْ أَنْتَ سَابِقُهُ... سَبْقَ الْجَوَادِ إِذَا اسْتَوْلَى عَلَى الْأَمَدِ. (١)

*فإن قيل:

أليس وصف الله -تعالى- بالاستيلاء موافقاً لمعنى اسم " المهيمن "؟

* فجوابه:

أن معنى اسم " المهيمن ": هو المطلع على خفايا الأمور، وخبايا الصدور، الذي أحاط بكل شيء علماً، الشهيد على أعمال العباد. فأين هذا من وصف الله -تعالى- بالاستيلاء الذي لايكون إلا بعد المغالبة والمنازعة؟!

* الرد على ما استدلوا به من شبهات:

أما استدلالهم بما يروى عن ابن عباس -رضي الله عنهما -في قوله " الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى "أنه قال: " استولى على جميع بريته، فلا يخلو منه مكان"

* فالجواب أن:

هذا أثر منكر، ونقلته مجهولون وضعفاء، في سنده عبد الله بن داود الواسطي وعبد الوهاب بن مجاهد وهما ضعيفان، وإبراهيم بن عبد الصمد مجهول لا يعرف. (٢)

ثم يقال:

أنتم لا تقبلون أصالة الاحتجاج بأخبار الآحاد في أصول الاعتقاد، وإن نقلها العدول، فكيف يسوغ لكم الاحتجاج بهذا الأثر المنكر في هذا الباب؟!

* أما استدلالهم بقول الشاعر:

" قد استوى بشر على العراق... من غير سيف ولا دم مهراق.

* فيقال جواباً عليه:

أن هذا البيت منسوب لشاعر نصراني يدعى الأخطل، فكيف يُترك ما تكاثر نقله عن أئمة السلف في تفسير الاستواء بالعلو والارتفاع ليركن إلى بيت شعر مهلهل، بيت آيل للسقوط، لم يتجرأ المستدلُّون به على التصريح بنسبته


(١) أخرجه البيهقي في "الأسماء والصفات" (ص/٤١٥)، واللالكائي في "اعتقاد أهل السنة" (٢/ ٤٥)، وصححه الألباني في "مختصر العلو" (ص/١٩٥)
(٢) وانظر اجتماع الجيوش الإسلامية (ص/٨٠) والتمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (٣/ ٣٤١) ولسان الميزان (١/ ١٦٨)

<<  <  ج: ص:  >  >>