=، وقد ذهب بعض المعتزلة إلى أن القاتل قد قطع أجل المقتول، ولا شك في بطلان زعمهم. وقد سئل شيخ الإسلام عن المقتول: هل مات بأجله، أم قطع القاتلُ أجله؟ فقال -رحمه الله-: "المقتول كغيره من الموتى، لا يموت أحد قبل أجله، ولا يتأخر أحد عن أجله. والله يعلم ما كان قبل أن يكون، وقد كتب ذلك، فهو يعلم أن هذا يموت بالبطن أو ذات الجَنْب أو الغَرَق أو غير ذلك من الأسباب، وهذا يموت مقتولاً. ولو لم يُقتل المقتول: قال بعض القدرية: إنه كان يعيشُ. وقال بعض نفاة الأسباب: إنه يموت. وكلٌّ منهما خطأ؛ فإنّ الله علمَ أنه يموت بالقتل، فإذا قدر خلاف معلومه كان تقديراً لما لا يكون لو كان كيف كان يكون، وهذا قد يعلمه بعض الناس، وقد لا يعلمه، فلو فرضْنا أنّ الله علمَ أنه لا يُقتل أمكنَ أن يكون قدّر موته في هذا الوقت، وأمكنَ أن يكون قدّر حياته إلى وقت آخرَ؛ فالجزْم بأحد هذين -على التقدير الذي لا يكون- جهلٌ. وانظر مجموع الفتاوى (٨/ ٥١٨) والعقائد النسفية (ص/٢٣٤). قلتُ: وعليه، فمن الأخطاء الشائعة على ألسنة بعض الناس: قولهم: "لو صبر القاتل على المقتول لَماتَ وحدَه"، فالصواب أن القاتل لو لم يُقدم على قتل المقتول، لجاز أن يموت في ذلك الوقت، وألا يموت، فعليه فلا يجزم بأحد الأمرين. (٢) أخرجه مسلم (٢٦٥٣) والترمذي (٢١٥٦).