للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو العباس ابن تيمية:

" ما كتبه الله -تعالى- وأعلمَ به الملائكةَ فهذا يَزيدُ ويَنْقُصُ بِحَسَبِ الأسباب، فإنّ الله يأمر الملائكة أن تكتب للعبد رزقاً، وإنْ وَصَلَ رَحِمَهُ زاده الله على ذلك، كما ثبتَ في الصحيح عن النبي-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-أنه قال:

... «مَن سرَّه أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فلْيصلْ رحمه»

وكذلك عُمُرُ داودَ زاد ستّينَ سنةً، فجعله الله -تعالى- مئةً بعدَ أن كان أربعين، رواه الترمذي وغيره-، ومن هذا الباب: قول عُمرَ:

"اللهم إنْ كتبْتَني شقيّاً فامْحُنِي واكْتُبْنِي سعيداً، فإنّك تمحو ما تشاء وتُثْبِتُ" ". (١)

٣ - المرتبة الثالثة: المشيئةُ:

المرتبة الثالثة من مراتب الإيمان بالقدر هي المشيئة، المشيئة النافذة، أي: الماضية التي لا رادَّ لها. مِنْ: نَفَذَ السَّهْمُ نُفُوذاً إذا خَرَقَ الرَّمِيّة، فهي نافذة.

فهذه المرتبة هي إثبات نُفوذ قدرته ومشيئته وشمول قُدرته، وهي الإيمان بأنّ ما شاء الله: كانَ، وما لم يشأ: لم يَكُنْ، فما في السماوات وما في الأرض من حركةٍ ولا سكون إلا بمشيئة الله، ولا يكون في مُلْكِه ما لا يُريدُ البَتَّةَ.

** وهذه المرتبة ثابتةٌ بالكتاب، والسنة، وأجمع عليها سلف الأمة:

قال -تعالى-:


(١) مجموع الفتاوى (٨/ ٥٤٠)، وانظر تأويل مختلف الحديث (ص/٢٣٨)، مشكل الآثار (٨/ ٨١، ٨٢).
قلتُ:
وأثر عمر - رضي الله عنه - مشهور، قد رواه ابن بطة في الإبانة (١٥٦٥) واللالكائي في اعتقاد أهل السنة (١٢٠٧).
وقول عمر هذا يتنزل على ما في علم الملائكة، لا على ما في أم الكتاب، فإنه قال -رضي الله عنه- بعد تلك الدعوة: "فإنك تمحو ما تشاء وتثبت، وعندك أم الكتاب". وممن دعا بمثل هذه الدعوة: ابنُ مسعود كما في مصنف ابن أبي شيبة (٦/ ٦٨) وابنُ الزبير كما في أخبار مكة (١/ ٤٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>