للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - الثاني:

أن شيخ الإسلام قد ذكرَ قول الجهم بن صفوان إنّ الجنة والنار تَفنيانِ ويَفنَى أهلُهما، فقال معقِّباً: "وقال أهل الإسلام جميعاً: ليس للجنة والنار آخِرٌ، وإنهما لا تزالان باقيتينِ، وكذلك أهل الجنة لا يزالون في الجنة يتنعَّمون، وأهل النار في النار يُعذَّبون، ليس لذلك آخِرٌ". (١)

*ويقول رحمه اللهوهو يقرر شذوذ هذا القول:

" يقول هؤلاء: لا نسلم أن ما كان وعدم أو ما سيكون، إذا قدّر أن بعضه أقل من بعض يجب أن يكون متناهياً، والمؤمنون بأن نعيم الجنة دائم لا ينقضي من المسلمين وأهل الكتاب يسلّمون ذلك، ولم ينازع فيه من أهل الكلام إلا الجهم ومن وافقه على فناء النعيم، وأبو الهذيل القائل بفناء الحركات، وهما قولان شاذان قد اتفق السلف والأئمة وجماهير المسلمين على تضليل القائلين بهما، ومن أعظم ما أنكروه السلف والأئمة على الجهمية: قولهم بفناء الجنة. (٢)

٣ - الأمر الثالث:

أن شيخ الإسلام ابن تيمية لمّا ذكرَ طرفاً ممّا سيكون يوم القيامة من قبض الأرض وطيّ السماوات، قال:

" ثمَّ أخبرَ ببقاء الجنة والنار بقاءً مُطلَقاً ". (٣)

ويقول رحمه الله:

وكذلك لم يقل أحد من سلف الأمة وأئمتها، أن السماوات والأرض لم تخلقا من مادة، بل المتواتر عنهم أنهما خلقتا من مادة وفي مدة، كما دل عليه القرآن، قال الله تعالى: {أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ (٩) وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاء لِّلسَّائِلِينَ (١٠) ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ (١١) فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ} [فصلت: ٩ - ١٢]

وقال تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ


(١) دَرْء تعارُض العقل والنقل (٢/ ٥٠٣).
(٢) المصدر السابق (٢/ ٥٠٢)
(٣) بيان تلبيس الجهمية (١/ ١٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>