للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يمكن أن يَنقل الاتفاق على ذلك ثم يقولَ بخلافه! وقد قال شيخ الإسلام بحياة الخَضِر -عليه السلام-، ثم تبيَّن له الصوابُ في خلافه. (١)

أما نسبة هذا القول -الذي هو فناء نار الكافرين- إلى ابن القيم:

فالذي يَظهر -بعد البحث في هذه المسألة- أنّ ابن القيم له في مسألة فناء النار ثلاثة أقوال:

*القول الأول:

ذكر فيه الخلاف في مسألة القول بفناء النار، ونقلَ جملة من الآثار عن الصحابة -رضي الله عنهم- في ذلك، ومال إلى تصحيحها، كما نَفَى دلالة القرآن على عدم فناء نار الكافرين، فقال:

"فأينَ في القرآن دليلٌ واحدٌ يدل على بقاء النار وعدم فنائها؟ نعم، الذي دل عليه القرآن:

أنّ الكفار خالدون في النار أبداً، وأنهم غيرُ خارجينَ منها، وأنه لا يُفَتَّرُ عنهم عذابُها،

وأنهم لا يموتون فيها؛ وهذا كلُّه مِمّا لا نزاع فيه بين الصحابة -رضي الله عنهم- والتابعين

وأئمة المسلمين، وليس هذا مَوْرِدَ النزاع، وإنما النزاعُ في أمرٍ آخرَ، وهو أنّه هل النار أبَديّة، أو مما كتب الله عليه الفناءَ؟

وأمّا كونُ الكفار لا يخرجون منها، ولا يفتَّر عنهم من عذابها، ولا يُقضى عليهم فيموتوا،

ولا يدخلون الجنة حتى يَلِجَ الجملُ في سَمِّ الخِياط، فلم يختلف في ذلك الصحابة ولا التابعون ولا أهل السنة، وإنما خالف في ذلك مَن قد حَكَيْنا أقوالهم من اليهود والاتّحادية، وبعض

أهل البدع". (٢)

*القول الثاني:

وقد ذكر فيه التوقُّف في هذه المسألة، فقال:

"إنْ قيل: إلى أين انتهى قدمك في هذه المسألة العظيمة؟ قيل: إلى قوله -تعالى-:

{إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} [هود:


(١) قد قال شيخ الإسلام بحياة الخَضِر -عليه السلام- وأنه اجتمع بالنبي -صلى الله عليه وسلم- [مجموع الفتاوى (٤/ ٣٣٩)]، ثم لمّا تبيَّن له أن الصواب في خلافه قال: "والصواب الذي عليه المحقِّقون: أنه ميتٌ، وأنه لم يدرك الإسلامَ، ولو كان موجوداً في زمن النبي -صلى الله عليه وآلِه وسلم- لَوجبَ عليه أن يؤمنَ به، ويجاهدَ معه". [مجموع الفتاوى (٢٧/ ١٠٠)]
(٢) حادي الأرواح (ص/٣٦٣). وتلاحظ هنا أنّ ابن القيم يفرِّق -لِرأيٍ رآهُ- بينَ مسألة خلود الكفار في النار، والقول بفناء النار.

<<  <  ج: ص:  >  >>