للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٠٧]، وإلى هُنا انتهى قدم أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب -رضي الله عنه-". (١)

*القول الثالث:

وهو القول بما أجمع عليه أهل السنة، وهو دوام نار الكافرين، فقال فى كتابه [الوابل الصَّيِّب] -وهو من أواخر ما ألّفَ:

"ولمّا كان الناس على ثلاث طبقاتٍ: طيِّبٌ لا يَشِينُهُ خبثٌ، وخَبيثٌ لا طيبَ فيه، وآخَرونَ فيهم خبثٌ وطيبٌ- كانت دُورُهم ثلاثاً:

دار الطيب المَحْضِ، ودار الخبيث المحض، وهاتان الداران لا تَفنيانِ، ودارٌ لِمَنْ معه خبثٌ وطيبٌ، وهي الدار التي لا تفنى، وهي دار العصاة، فإنه لا يبقى في جهنّمَ مِن عُصاة الموحِّدينَ أحدٌ، فإنّهم إذا عُذِّبوا بقدر جزائهم أُخْرِجوا من النار فأُدْخِلُوا الجنةَ، ولا يبقى إلا دارُ الطيب المحض، ودارُ الخبث المحض". (٢)

وقال في كتابه "طريق الهجرتينِ ":

"فاقتضتْ حكمتُه -سبحانه- أنْ خلقَ داراً لِطالِبي رِضاهُ، العاملينَ بطاعته، المُؤْثِرِينَ لِأَمْره، القائمينَ بمَحابِّه، وهي الجنة، وجعلَها محلَّ كلِّ طيِّبٍ من الذوات والصفات والأقوال، وخلقَ داراً أخرى لِطالبي أسبابِ غَضَبه وسَخَطه، المُؤْثِرينَ لأغراضهم وحُظوظهم على مَرْضاته، العاملينَ بأنواع مخالَفته، القائمينَ بما يَكره من الأعمال والأقوال، وهي جهنّمُ، وأودَعَها كلَّ شيء مكروهٍ، وجعلَ الشر بحَذافيره فيها، وجعلَها محلَّ كل خبيث من الذوات والصفات والأقوال والأعمال، فهاتان الداران هما دارا القَرار". (٣)

*وقال في النونية وهو يسرد عقيدة جهم:

وقضى بأنّ النَّار لَم تُخْلَقْ وَلا... جنّاتُ عدْنٍ بلْ هُمَا عَدَمَانِ

فإذا هُمَا خُلِقَا ليومِ معادِنَا... فهُما عَلى الأوقاتِ فانِيَتانِ. (٤)

* نقول:

ولقد غلَّبَ بعضُ الباحثينَ الظنَّ أنّ ما قاله ابن القيم في [الوابل الصيِّب]


(١) المصدر السابق (ص/٣٨٧).
(٢) الوابل الصيِّب (ص/٢٠)
(٣) طريق الهجرتين (ص/١٦١)
(٤) الكافية الشافية بشرح الهرَّاس (١/ ٣٩)

<<  <  ج: ص:  >  >>