و [طريق الهجرتينِ] -وهو الذي يوافق فيه جماهيرَ أهل السنة مِن عدم فناء نار الكافرين، وهو الناسخُ لِما ذكرَه في [حادي الأرواح] و [شفاء العَليل]. (١)
*يدل عليه:
أن كتابه "الوابل الصيّب"، والذي يقرر فيه القول بعدم فناء نار الكافرين، قد صنَّفه عندما كان مسجوناً مع شيخه أبي العباس ابن تيمية، وذلك قبل بوفاة ابن القيم بفترة قليلة، وعليه يقال أن كل كلام له في هذه المسألة جاء مجملاً فهو مردود إلى ما ذكره في "الوابل الصيّب"، فيكون كلامه هذا المتأخر-ولو على أقل احتمال- ناسخاً لما ذكره في كتبه المتقدمة. ...
* والخلاصة هذا المبحث:
أن القول بعدم فناء النار هو أقرب الأقوال لمذهب ابن القيم؛ وذلك لأنه مِن آخرِ ما كَتَبَ،
والمقرَّر عند أهل العلم:
" أنّ العالِم إذا كان له قولان لم يتبين المتأخِّر منهما، فإنّه يرجَّحُ منهما ما كان موافقاً لمذهب السلف، وقد قُرِّرَ أنّ مذهبَهم: عدمُ فناء النار -أعاذنا الله منها وجميعَ المسلمينَ! -.
* ثم نقول:
أمّا الآثارُ التي استدل بها من يقول بفناء النار، فإنّ الصنعانيّ -في كتابه [رفع الأستار لإبطال أدلة القائلين بفناء النار] - ومحقِّقَه العلّامة الألبانيّ قد بيَّنا أنها آثارٌ لا تصحُّ، والصحيح منها غير صريح؛ فكيف يخالَفُ بها الإجماعُ المنقول عن سلف الأمة وأئمتها؟!
ثم نقول:
ومما يؤيد أن ابن تيمية وابن القيم لم يقولا بفناء النار:
أنه لم يَنقل أحدٌ من تلامذتهما عنهما هذا القولَ، وتلاميذهما علماءُ محقِّقونَ، وهم كُثْرٌ، أمثال الذهبي، وابن رجب، وابن كثير، والمزّيّ، وابن مُفلح.
(١) وقد أيَّد هذا الاستنتاجَ ببعض الحُجَج الدكتور عليُّ بن علي جابر الحربي اليماني المدرس بجامعة أمّ القرى في جزء سمَّاه [كشف الأستار لإبطال ادّعاء فناء النار]، وهي رسالة في تبرئة أبي العباس ابن تيمية وتلميذِه ابن القيم مِن القول بفناء النار.