للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ} (التوبة: ٦٥)

فنص تَعَالَى على أَن الِاسْتِهْزَاء بِاللَّه -تَعَالَى- أَو بآياته أَو برَسُول من رسله كفر، فَخرج عَن الْإِيمَان، وَلم يقل تَعَالَى فِي ذَلِك أَنِّي علمت أَن فِي قُلُوبكُمْ كفراً، بل جعلهم كفَّارًا بِنَفس الِاسْتِهْزَاء، وَمن ادّعى غير هَذَا فقد قَوَّل الله -تَعَالَى - مَا لم يقل، وَكذب على الله تَعَالَى. (١)

٤ - من اللوازم الباطلة لقول الجهمية:

أ) الحكم بالإيمان على كل من صدَّق الرسول صلى الله عليه وسلم، وإن حارب دعوته وعارض شريعته، ولم يلتزم متابعته لا ظاهراً ولا باطناً.

ب) أن المصدِّق بقلبه لا يضره أن يجحد بلسانه، لأن الإيمان الذي يبنى على مجرد المعرفة لا يزول بجحود اللسان.

٢) ثانياً: الإيمان عند الكرَّامية:

والإيمان عند الكرَّامية هو قول اللسان، وهو قول مجرد، لا هذا القول الذي يقوله القائل الآن أنه لا إله إلا الله، ولكن هذا القول الذي صدر عن ذرية آدم في وقت الميثاق. وأنه شيء واحد لا يزيد ولا ينقص ولا يستثنى فيه، دون اشتراط تصديق القلب أوعمل الجوارح في أحكام الدنيا، فمن تكلَّم بلسانه فهو مؤمن كامل الإيمان؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قَبِل إسلام الناس بمجرد قولهم للشهادتين.

* لذا فالمنافق - وإن أظهر نفاقاً واضحاً - فهو عندهم مؤمن، إلا إنه يخلَّد فى النار. (٢)


(١) الفصل في الملل والأهواء والنحل (٢/ ٢٢٢ - ٢٢٤)
(٢) وانظر الإيمان لابن منده (١/ ٣٣١) والتبصير في الدين (ص/٣١٨) ومقالات الإسلاميين (ص/٨٦)
وللحق نقول:
ما نسبه ابن حزم إلى الكرَّامية أنهم يقولون بنجاة المنافق الذي يعتقد النفاق بقلبه من الخلود في النار فغير صحيح، لذا فقد فإن شيخ الإسلام ابن تيمية قد خطَّأ من حكى عن الكرَّامية ذلك، وذكر أن المؤمن المستحق للجنة لابد أن يكون مؤمناً في الظاهر والباطن باتفاق أهل الملة.
وقال رحمه الله:
قد حكى بعضهم عنهم أنهم يجعلون المنافقين من أهل الجنة وهو غلط عليهم؛ إنما نازعوا في الاسم لا في الحكم، بسبب شبهة المرجئة في أن الإيمان لا يتبعض ولا يتفاضل. وانظر مجموع الفتاوى (٧/ ١٤١ - ٢١٦)

<<  <  ج: ص:  >  >>