للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

*الرد على مرجئة الفقهاء:

وإذا نظرنا إلى العلة التى من أجلها ذهب مرجئة الفقهاء إلى جعل أعمال الجوارح ليست داخلة فى مسمَّى الإيمان، فهى علة عليلة، مفادها أن عدُّ العمل ركناً يجر إلى معتقد الخوارج والمعتزلة الذين يكفِّرون بترك العمل!!

** وجواب ذلك أن يقال:

فرق بين أن تجعل أعمال الجوارح ركناً فيبطل الإيمان بتركها كليةً، وهو ما تفيده نصوص الشرع، وهو مذهب أهل السنة، وبين أن تجعل كل عمل من أعمال الجوارح ركناً يبطل الإيمان بتركه، كالزكاة أوالصوم أو الحج مثلاً، وهو مذهب الخوارج والمعتزلة الذين يكفِّرون بترك أى واجب من واجبات الشرع أو بإيتاء كبيرة من الكبائر، فتأمل.

فالذي عليه أهل السنة أن العمل الذى هو ركن في الإيمان إنما هو جنس الأعمال، وليس كل فرد من العمل الظاهر.

فالقاعدة هنا " جنس العمل ركن في الإيمان، لا آحاده، إلا بدليل "

*وأما قول مرجئة الفقهاء: أن الناس فى أصل الإيمان سواء، والتفاضل فى لازم الإيمان!! (١)


(١) وهذا مما قد نص عليه صاحب الطحاوية، فقال: "والإيمان واحد، وأهله فيه سواء"
وهذا غلط؛ لأن الإيمان ليس واحداً، وليس أهله سواءً، بل الإيمان يتفاضل، ويزيد وينقص، والتصديق بالقلب ليس الناس فيه سواءً، فليس إيمان أبي بكر الصديق كإيمان الفاسق من المسلمين.
كذلك من ناحية العمل، الناس يتفاضلون في العمل، منهم كما قال الله عز وجل: (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ) هذا العاصي الذي معصيته دون الشرك، فإنه ظالم لنفسه (ومنهم مقتصد) وهو الذي= =يعمل الواجبات ويتجنب المحرمات. (ومنهم سابق بالخيرات) وهذا هو الذي يعمل الواجبات والمستحبات، ويترك المحرمات والمكروهات وبعض المباحات من باب الاحتياط، فدل على أن الإيمان متفاضل. وانظر التعليقات على متن الطحاوية للفوزان (ص/١٤٥)

<<  <  ج: ص:  >  >>