للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

*فالرد عليه:

أن التفاضل ليس فقط فى عمل الجوارح، بل أيضاً فى عمل القلب، فنفس تصديق القلب يزيد وينقص، ومن أدلة ذلك:

١ - عنْ أَنَسٍ - رضي الله عنه - عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -قَالَ:

يَخْرُجُ مِنْ النَّارِ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَفِي قَلْبِهِ وَزْنُ شَعِيرَةٍ مِنْ خَيْرٍ وَيَخْرُجُ مِنْ النَّارِ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَفِي قَلْبِهِ وَزْنُ بُرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ وَيَخْرُجُ مِنْ النَّارِ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَفِي قَلْبِهِ وَزْنُ ذَرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ) (١)

٢) قال عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- يوم الحديبية:

وَاللَّهِ مَا شكَكْتُ مُنْذُ أَسْلَمْتُ إِلَّا يَوْمَئِذٍ. (٢)

٣) وعن أبيَّ بن كعب -رضي الله عنه- لما اختلف القرَّاءُ في قراءة بعض الآيات قال:

«فَسَقَطَ فِي نَفْسِي مِنَ التَّكْذِيبِ، وَلَا إِذْ كُنْتُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَلَمَّا رَأَى رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَا قَدْ غَشِيَنِي، ضَرَبَ فِي صَدْرِي، فَفِضْتُ عَرَقًا، وَكَأَنَّمَا أَنْظُرُ إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فَرَقًا، ..». (٣)

ولا يرتاب عاقل أن إيمان هذا الصحابي عند تلك الغشية دون إيمانه قبلها وبعدها.

٤) وعن أبي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ:

شَهِدْنَا خَيْبَرَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِرَجُلٍ مِمَّنْ مَعَهُ


(١) أخرجه البخاري (٤٢) وترجم له البخاري بقوله "باب: زِيَادَةِ الْإِيمَانِ وَنُقْصَانِهِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى"
(٢) أخرجه ابن حبان (٧/ ٢٢٢) وصححه الألباني. وهو -رضى الله عنه- لم يشك فى رسالة النبى -صلى الله عليه وسلم - فهو على يقين من ذلك، وإنما شك أن الرسول - صلى الله عليه وسلم- قد جانبه الصواب فى اجتهاده لما قبل الصلح على هذه الشروط.
(٣) أخرجه مسلم (٨٢٠)
قال القاضي عياض: معنى قوله "سقط في نفسي" أنه اعترته حيرة ودهشة، وقوله " ولا إذ كنت في الجاهلية " معناه: أن الشيطان نزغ في نفسه تكذيبا لم يعتقده، وهذه الخواطر إذا لم يستمر عليها لا يؤاخذ بها.
شرح مسلم للنووي (٦/ ١٠٢)

<<  <  ج: ص:  >  >>