للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخطاب -رضي الله عنهم.

- فلمَّا كان في خلافة الوليد بن عبد الملك في السَّنَة الثامِنة والثَّمانين من الهجرة، فقد أراد الوليد أن يوسِّع المسجد النبوي، فأمر عامله علي المدينة - عمر بن عبد العزيز- أن يدخل جميع حجرات زوجات النبي -صلي الله عليه وسلم - في المسجد بما في ذلك حجرة عائشة رضى الله عنها.

فاجتمع عمر بن العزيز-رحمه الله- بعلماء المدينة ليشاورهم في الأمر، وكان عامَّةُ الصحابة -رضي الله عنهم- قد ماتوا، وكان آخرهم موتًا جابر بن عبد الله -رضي الله عنه-، فشَقَّ ذلك على الفقهاء والعلماء، وكان فيهم سعيدُ بنُ المُسَيَّب، فلم يرض سعيد بن المسيَّب بذلك؛ لئلا يدخل القبر في المسجد النبوي. (١)

قال ابن كثير:

جمع عمربن عبد العزيزالفقهاء العشرة وأهل المدينة وقرأ عليهم كتاب أمير المؤمنين الوليد، فشق عليهم ذلك، فعند ذلك كتب عمر بن عبد العزيز إلى الوليد بما أجمع عليه الفقهاء العشرة المتقدم ذكرهم، فأرسل إليه يأمره ببناء المسجد على ما ذكر. (٢)

ومع إصرار الوليد بن عبد الملك علي ذلك فقد تم إدخال جميع حجرات أمهات المؤمنين إلي المسجد، بما في ذلك حجرة عائشة رضى الله عنها. (٣)


(١) قال ابن كثير: ويُحكى أن سعيد بن المسيب أنكر إدخال حجرة عائشة في المسجد- كأنه خشي أن يتخذ القبر مسجداً - والله أعلم. وانظر البداية والنهاية (١٢/ ٤١٥) و تنبيه الأفهام شرح عمدة االأحكام (ص/٤١٩)
(٢) انظر البداية والنهاية (١٢/ ٤١٥)
(٣) ومما ذكره المؤرخون في التوسعة التى أحدثها الوليد بن عبد الملك أنه أول من غالى في أمور الزخرفة والنقوش، حيث نقش حيطانه بالفسيفساء والمرمر وعمل سقفه من الساج وحلاه بماء الذهب، ونقش رؤوس الأساطين والأعتاب بالذهب.
وفي صدد المقارنة بين ما حدث في عهد عثمان -رضى الله عنه -وما حدث في عهد الوليد يمكن الاستفادة من الخبر التالي:
"لمّا حج الوليد وقدم إلى المدينة بعد فراغ عمر من عمارة المسجد، أخذ ينظر في جدره وسقفه ونقوشه وجميل شكله، حتى إذا تم النظر، التفت إلى أبان بن عثمان وقال: أين بناؤنا من بنائكم؟ قال أبان:
بنيناه بناء المساجد، وبنيتموه بناء الكنائس.. " يقصد المغالاة في ذلك.
وهذا يدل على أن زخرفة عثمان كانت أمراً يسيراً.
وانظر تاريخ مكة المشرفة والمدينة الشريفة (ص/٢٨٣) والعناصر المعمارية في المسجد النبوي لصالح الشامى.

<<  <  ج: ص:  >  >>