للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن الكلام لفي الفؤاد. (١)

*ثم نقول:

وعلي فرض صحته ونسبته فإنه لا يجوز أن نستدل به، لأن الأخطل من النصاري؛ هؤلاء الذين ضلوا في معني الكلام حتى زعموا أن عيسى -عليه السلام -هو نفس كلمة الله، وأن اللاهوت قد اتحد بالناسوت، وإن قولاً يستشهد له بأقوال النصارى لقول مبني على شفا جرف هار.

قال أبو العز الحنفي:

كما أن معنى البيت غير صحيح، إذ لازمه أن الأخرس يسمى متكلماً، لقيام الكلام بقلبه، وإن لم ينطق به ولم يُسمع منه. (٢)

*كذلك يرد دعواهم بأن الكلام هو معنى قائم بالنفس:

" قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزا (٤١))

فمع كون زكريا -عليه السلام- قد أشار إليهم، كما في قوله تعالى

(فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا)، فلم يكن ذلك المعني القائم بنفسه الذي عبَّر عنه بالإشارة كلاماً.

وكذلك في قصة مريم عليها السلام (فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ)، مع كونها قد نذرت الامتناع عن الكلام، (إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا)

وقد اتفق أهل اللسان على أن الكلام: اسم وفعل وحرف، كما أجمع الفقهاء علي أن من حلف ألا يتكلم لا يحنث بحديث النفس، وإنما يحنث بالكلام. (٣)

* كذلك يرد دعواهم بأن الكلام هو معنى يقوم بالنفس:

حديث أبي هريرة -رضي الله عنه - أن


(١) ذكر االذهبي أن الشيخ أبا البيان محمد بن محفوظ الدمشقي الشافعي اللغوي، جاءه ابن تميم الذي يدعي الشيخ الأمين، فقال له الشيخ أبو البيان بعد كلام جرى بينهما: ويحك، الحنابلة إذا قيل لهم:
ما الدليل على أن القرآن بحرف وصوت؟ قالوا: قال الله كذا، وقال رسوله كذا، وأنتم إذ قيل لكم: ما الدليل على أن القرآن معنى "قائم" في النفس؟ قلتم: قال الأخطل "إن الكلام لفي الفؤاد"، إيش هذا الأخطل؟! نصراني خبيث بنيتم مذهبكم على بيت شعر من قوله، وتركتم الكتاب والسنة!
وانظر العلو للعلي الغفار (ص/٢٨٤)
(٢) شرح العقيدة الطحاوية (ص/١٤٥)
(٣) مذكرة في أصول الفقه (ص/٢٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>