للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:

"إن الله تجاوز لأمتي عمَّا حدَّثت بها أنفسها، ما لم تتكلم به أو تعمل به ". (١)

وجه الدلالة:

قد أخبر النبي -صلي الله عليه وسلم- أن الله -تعالى-عفى عن حديث النفس، إلا أن تتكلم، ففَّرق بين حديث النفس وبين كلام اللسان.

كذلك في قوله صلى الله عليه وسلم:

"إِنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ ". (٢)

فقد اتفق العلماء أن من تكلم وهو يصلي عامداً بطلت صلاته، واتفقوا على أن ما يقوم بالقلب من تصديق بأمور دنيوية وطلب، لا يبطل الصلاة، وإنما يبطلها التكلَّم بذلك، فعلم إتفاق المسلمين على أن هذا ليس بكلام. (٣)

*أما قولهم:

أن الله لا يتكلم بقدرته ولا مشيئته، بل الكلام لازم لذاته كلزوم الحياة لذاته.

* فالرد عليه:

قوله تعالى: {ويوم يناديهم فيقول ماذا أجبتم المرسلين} وقوله تعالى {ويوم يناديهم فيقول أين شركائي الذين كنتم تزعمون} فإنه وقَّت النداء بظرف محدود، فدل على أن النداء يقع في ذلك الحين دون غيره من الظروف، وجعل الظرف للنداء لا يسمع النداء إلا فيه. (٤)

وفي حديث زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ، قَالَ: مُطِرَ النَّاسُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: " أَلَمْ تَسْمَعُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمُ اللَّيْلَةَ؟. (٥)

فجعل الكلام موقتاً بظرف محدد.

وباتفاق الأنبياء -عليهم السلام - فإن الله يتكلم، ومن لم يقل إن يتكلم بمشيئته وقدرته كلاماً يقوم بذاته لم يقل إنه يتكلم. وعلى هذا أئمة السنة، كأحمد والبخاري


(١) متفق عليه.
(٢) رواه مسلم (٥٣٧) وأحمد (٢٣٨١٣)
(٣) وانظر شرح العقيدة الطحاوية (ص/١٤٦)
(٤) انظر مجموع الفتاوي (١٢/ ١٣١)
(٥) أخرجه النسائي (١٥٢٥) وصححه الألباني.

<<  <  ج: ص:  >  >>