للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{تبت يدا أبي لهب} [المسد: ١] " ولا معنى آية الكرسي آية الدَين.

وإذا جوزتم أن تكون الحقائق المتنوعة شيئاً واحداً فجوزوا أن يكون العلم والقدرة والكلام والسمع والبصر صفة واحدة، فاعترف أئمة هذا القول بأن هذا الإلزام ليس لهم عنه جواب عقلي.

ورحم الله الإمام العز بن عبد السلام -وهو من كبار أئمة الأشعرية - حيث سئل في مسألة القرآن: كيف يعقل شيء واحد هو أمر ونهي، وخبر واستخبار؟

فقال: ما هذا بأول إشكال ورد على مذهب الأشعري. (١)

* ومن التناقض البيِّن:

أنك تري الأشاعرة يقولون بإثبات صفات لله -تعالى- لها معانٍ زائدة عن الذات، مخالفة للجهمية النفاة، ثم تراهم يقولون بأن كلام الله معنى واحد قائم بالذات. (٢) *وحقيقة الأمر:

أن الكلام الذي تثبته الأشاعرة لله -تعالى- لا حقيقة له؛ ومعناه قريب من معنى العلم؛ إذ أن حديث النفس الذي هو الكلام عندهم هو علم بمعانى معينة، فليس فى النفس إلا معانى معلومة، فآل الكلام إلى العلم.

لذا فقد نص الشيرازى على ذلك بالتصريح دون التلميح، فقال:

"سماعنا كلامه كعلمنا به " (٣)

قول الكرامية في صفة الكلام:

قالوا: كلام الله صفة له وهو كلام بحرف وصوت، ولكن الله -تعالى-قد تكلم بعد أن لم يكن متكلماً، فالكلام صفة حادثة له. (٤)

* الرد على الكرامية:

فقد وصفتم الله -عز وجل- بصفات البشر، حيث أن المرء لم يكن متكلماً ثم تكلم، وهذا


(١) لوامع الأنوار البهية (ص/١٦٦) والتسعينية (٣/ ٩٥٢) وتناقضات الأشعرية (ص/٦٣)
(٢) وانظر تناقضات الأشاعرة (ص/ ٦٠)
(٣) وانظر الإشارة (ص/٢١٦) وعقائد الأشاعرة (ص/١٥٢)
(٤) ويعود أصل الكرامية إلي محمد بن كرَّام السجستاني، قال عنه ابن حجر: العابد المتكلم شيخ الكرامية، ساقط الحديث على بدعته. قال ابن حبان: خذل حتى التقط من المذاهب أردأها.
وقد دعا ابن كرَّام الناس إلى تجسيم معبوده، وزعم أنه جسم له حد ونهاية، بل شابه النصارى في وصف الإله بأنه جوهر، وانظر الفَرق بين الفِرق (ص/١٨٩)

<<  <  ج: ص:  >  >>