للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - كفر من قال بخلق القرآن إنما هو من كفر وشرك التعطيل، والذي يكون متعلقاً بذات المعبود وأسمائه وصفاته، وهو أقبح أنواع الشرك، كشرك فرعون وأشباهه، فالشرك والتعطيل متلازمان.

والقول بخلق القرآن كفر ظاهر؛ إذ هو تكذيب لنصوص الوحيين، وإلحاد في أسماء الله وصفاته، وتشبيه الله -تعالى- بخلقه، وهذا كفر محض.

٣ - قول الأئمة بتكفير القائل بخلق القرآن يتوجه على أنه كفر نوع لا كفر عين،

فلا يكفر القائل بهذا حتى تقام عليه الحجة وتزال عنه الشبهة، فإن أصر بعدها كان كافراً نوعاً وعيناً.

لذا فالحكم على الأعيان، كالقول إن فلاناً القائل بخلق القرآن كافر؛ فهذا أمر آخر، يحكم به القاضي، أو العالم المتأهل للكلام في ذلك، بناء على صحة إيقاع الوصف على المعين، باستيفائه شروطه، وانتفاء الموانع المؤثرة عنه.

*واستدل شيخ الإسلام ابن تيمية على هذا التفريق بأن الإمام أحمد - وغيره من السلف - لم يكفِّر كل من قال بخلق القرآن، فقال:

إن الإمام أحمد دعا للخليفة وغيره. ممن ضربه وحبسه، واستغفر لهم، وحللهم مما فعلوه به من الظلم والدعاء إلى القول الذي هو كفر، ولو كانوا مرتدين عن الإسلام؛ لم يجز الاستغفار لهم؛ فإن الاستغفار للكفار لا يجوز بالكتاب والسنة والإجماع، وهذه الأقوال والأعمال منه ومن غيره من الأئمة؛ صريحة في أنهم لم يكفروا المعينين من الجهمية، الذين كانوا يقولون: القرآن مخلوق، وإن الله لا يُرى في الآخرة.

وقد نقل عن أحمد ما يدل على أنه كفَّر به قوماً معينين، فأما أن يذكر عنه في المسألة روايتان؛ ففيه نظر، أو يحمل الأمر على التفصيل، فيقال:

أ) من كفَّره بعينه؛ فلقيام الدليل على أنه وجدت فيه شروط التكفير وانتفت موانعه. ب) من لم يكفَّره بعينه؛ فلانتفاء ذلك في حقه، مع إطلاق قوله بالتكفير على

<<  <  ج: ص:  >  >>