للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا) (البقرة/١٠٤)

ففي الأية دلالة بيَّنة على النهي عن اللفظ ولو كان جائزاً، لئلا يُتوصل به إلى ما هو غير جائز.

* وقد كان أبوهريرة - رضى الله عنه - يقول إذا أصبح وقد مُطر الناس:

مُطرنا بنوء الفتح، ثم يتلو هذه الآية {مَا يَفْتَحْ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ} [فاطر: ٢] (١)

أي: فتح ربنا علينا، فاستعمل النوء في الفتح الإلهي للإشارة إلى رد معتقد الجاهلية من إسناده للكواكب، كأنه يقول:

إذا لم تعدلوا عن لفظ نوء فأضيفوه إلى الفتح، وهذا منه - رضى الله عنه - تأكيداً لما ذكرنا من غلق هذا الباب سداً للذريعة، وهذ نفسه مما يؤخذ من قول الشافعي السابق: " وغيره من الكلام أحب إليّ "، فإنما قصد به حسم المادة.

" أما إن قال ذلك -أى مُطرنا بنوء كذا -على معنى أن العادة نزول المطر عند نوء من الأنواء، وأن ذلك النوء لا تأثير له في نزوله، وأن المنفرد بإنزاله الله، فلا يكفر مع أن هذا اللفظ لا يجوز إطلاقه بوجه، وإن لم يعتقد ما ذكرنا لورود الشرع بالمنع منه، ولما فيه من إيهام السامع، كما أنه يُنهى عن إطلاق ذلك لئلا يعتقد أحد اعتقاد أهل الجاهلية، ولا يتشبه بهم في نُطقهم. (٢)

٢) الثانى:

لم يُعرف لا بالنصوص الشرعية ولا بالأسباب القدرية الكونية ولا حتى بمجرد الموافقة الزمنية أية علاقة بين نزول المطر وحركة النجوم والأنواء.

بل الذى ورد في أدلة الشرع هو نفى علاقة النوء بسقوط المطر؛ وذلك كما ورد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضى الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: "لَا عَدْوَى وَلَا هَامَةَ وَلَا نَوْءَ وَلَا صَفَرَ" (٣)

*والنفي يرد على أربعة أنواع:

(١) نفي وجود. (٢) نفي تأثير. (٣) نفي صحة. (٤) نفي كمال.


(١) أخرجه مالك في الموطأ (٦٥٥) في الاستسقاء، باب الاستمطار بالنجوم، بلاغاً، وإسناده منقطع.
(٢) وانظر شرح الزرقاني على موطأ مالك (١/ ٦٥٦) والكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم (٢/ ٥٤٦)
(٣) أخرجه أحمد (٩١٦٥) ومسلم (٢٢٢٠)

<<  <  ج: ص:  >  >>