أن لفظ الجسمية من الألفاظ المحدثة التى لم يقل به السلف، وقد توقَّف فيه أهل السنة والجماعة نفياً وإثباتاً؛ حيث أنه لم يأت دليل يثبت ولا دليل ينفي.
*رابعاً:
إن كان إثبات الصفات البشرية على إختلافها يستلزم الجسمية فهذا مما ينتفى وقوعه في حق الخالق سبحانه؛ فقد وصف الله -تعالى- نفسه بالسمع والبصر كما ورد في حديث الباب من قوله تعالى (إِنَّ اللهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا)
، وقد وصف بعض الحوادث بالسمع والبصر، قال:{إِنَّا خَلَقْنَا الإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً}، فالسمع والبصر لله -تعالى - حقيقيان على ما يليق به سبحانه. وهما كذلك للمخلوق على ما يليق بعجزه وضعفه.
وكذلك قد وصف الله -تعالى -نفسه بالحياة قال:{اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ}، ووصف بعض المخلوقين بالحياة قال:{وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيّ}، ... وحياة الله - تعالى- حياة حقيقية لائقة بكماله وجلاله. كما أن حياة المخلوق مناسبة لحاله وعجزه وفنائه.
* خامساً:
من الجهل البيّن وصف أهل السنة بالمجسمة، وهم يثبتون صفات الله -تعالى- على ما يليق به سبحانه {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}، ويقولون عن صفات الله - تعالى: المعنى غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان بها واجب، والسؤال عنها بدعة، وقد أجمعوا على تكفير من شبَّه الله -تعالى - بخلقه، فهل بعد ذلك يقال عنهم مجسمة؟!!
قال أبو العباس ابن تيمية:
اتفاق المسمّيَين في بعض الأسماء والصفات ليس هو التشبيه والتمثيل، الذي نفته الأدلة السمعيات والعقليات، وإنما نفت ما يستلزم اشتراكهما فيما يختص به الخالق، مما يختص بوجوبه أو جوازه أو امتناعه، فلا يجوز