للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن يَشركه فيه مخلوق، ولا يُشركه مخلوق في شيء من خصائصه سبحانه وتعالى.

وأما ما نفيتَه فهو ثابت بالشرع والعقل، وتسميتك ذلك تشبيهًا وتجسيمًا تمويه على الجهال، الذين يظنون أن كل معنى سماه مسمٍّ بهذا الاسم يجب نفيه. ولو ساغ هذا لكان كل مبطل يسمي الحق بأسماء ينفر عنها بعض الناس، ليكذب الناس بالحق المعلوم بالسمع والعقل. (١)

فلو كان الإنصاف منهجهم حقاً لكان الأولى بتهمة التجسيم أصحاب المعتقدات المنحرفة في عقيدتها، كالهشامية وهم أتباع هشام بن الحكم الرافضي، الذين زعموا أن معبودهم (جسم وله نهاية، وله حد، طوله كعرضه وعمقه) إلى آخر كلام طويل كله تشبيه وتجسيم. وهشام بن الحكم هو أول من أظهر إطلاق لفظ (التجسيم) من متكلمة الرافضة.

وتوجد هشامية أخرى أتباع هشام بن سالم الجواليقي، التي تزعم أن معبودها على صورة الإنسان، وينكرون أن يكون لحماً ودماً، إلى آخر تلك الأوصاف الكفرية، فهما طائفتان جمعهما الإلحاد بالتشبيه والتجسيد وفرقتهما كيفية ذلك التشبيه والصورة. (٢)

*ومن الفوائد المهمة المتعلقة بحديث الباب:

١) الأولى:

أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما قرأ في حديث الباب قوله تعالى} إِنَّ اللهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا} [النساء/٥٨]، وضَعُ إِبْهَامَهُ عَلَى أُذُنِهِ، وَالَّتِي تَلِيهَا عَلَى عَيْنِهِ. وهذه الإشارة من النبي - صلى الله عليه وسلم - فيها دلالة بيِّنة واضحة على إثبات صفتي السمع والبصر لله - تعالى - على ما يليق به سبحانه، فليس السمع والبصر هما الذات أو العلم.

وحديث


(١) رسالة التدمرية (ص/٣٦)
(٢) وقد حكى أبو الحسن الأشعري في "مقالات الإسلاميين " (ص/١٣٢) طرفاً من أقوال المجسمة الهشامية، وانظر الفرق بين الفِرق (ص/٦٥) والموسوعة الميسرة (٢/ ١٠١١)

<<  <  ج: ص:  >  >>