للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَعَيَّرْتُهُ بِأُمِّهِ، فقال لي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

يَا أَبَا ذَرٍّ أَعَيَّرْتَهُ بِأُمِّهِ؟ إِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ. (١)

وعن عَبْدِ اللهِ بن مسعود - رضى الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

«لَيْسَ مِنَّا مَنْ ضَرَبَ الْخُدُودَ، أَوْ شَقَّ الْجُيُوبَ، أَوْ دَعَا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ». (٢)

وقد جمع الرسول - صلى الله عليه وسلم - ما سبق في حديث ابْنِ عُمَرَ - رضي الله عنهما - قَالَ: خَطَبَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - النَّاسَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ فَقَالَ:

يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللهَ قَدْ أَذْهَبَ عَنْكُمْ عُبِّيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ وَتَعَاظُمَهَا بِآبَائِهَا، لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ يَفْتَخِرُونَ بِآبَائِهِمْ الَّذِينَ مَاتُوا، إِنَّمَا هُمْ فَحْمُ جَهَنَّمَ، أَوْلَيَكُونُنَّ أَهْوَنَ عَلَى اللهِ مِنْ الْجُعَلِ الَّذِي يُدَهْدِهُ الْخِرَاءَ بِأَنْفِهِ، النَّاسُ رَجُلَانِ:

بَرٌّ تَقِيٌّ كَرِيمٌ عَلَى اللهِ، وَفَاجِرٌ شَقِيٌّ هَيِّنٌ عَلَى اللهِ، وَالنَّاسُ بَنُو آدَمَ، وَخَلَقَ اللهُ آدَمَ مِنْ تُرَابٍ، قَالَ اللهُ: {يَأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا، إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ، إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}. (٣)

والأمثلة في هذا الباب كثيرة، ومنها ما ورد في حديث الباب:

فقد كانت عادة العرب القسم بما جل قدره وعظم خطره وكثر نفعه عند الخلق من السماء والأرض والشمس والقمر والليل والنهار ونحو ذلك.

ومن هذا الباب فقد كان من الشائع عند أهل الجاهلية الافتخار بالأباء وتعظيمهم، وكم من أمة كفرت بالله -عزوجل - من هذا الباب، قال تعالى:

... (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ (١٠٤)) (المائدة/١٠٤)

وهذا كثير الذكر في كتاب الله تعالى،


(١) متفق عليه. أي عيَّره بسبب أمه، وكانت سوداء، فقال له يا ابن السوداء. وقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فيك جاهلية): أى فيك خصلة من خصال الجاهلية، وهي التفاخر بالآباء.
(٢) متفق عليه.
(٣) أخرجه أحمد (٨٧٣٦) والترمذى (٣٢٧٠) قال الترمذى: هذا حديث حسن صحيح.
عُبِّيَّة الجاهلية: بضم عين مهملة، وكسر موحدة مشددة، وفتح ياء مثناة من تحت مشددة، نَخْوتُها وكبرها وفخرها وتعاظمها. "مؤمن تقي، وفاجر شقي"، أي: الناس رجلان: مؤمن تقي فهو الخير الفاضل، وإن لم يكن حسيباً في قومه. وفاجر شقي فهو الدنيء، وإن كان في أهله شريفاً رفيعاً. (معالم السنن (٣/ ٦٢٢))

<<  <  ج: ص:  >  >>