للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال النووي:

وهذا مقام المشاهدة، فمن قدر أن يشاهد الملك استحى أن يلتفت إلى غيره في الصلاة وأن يشغل قلبه بغيره. (١)

قوله صلى الله عليه وسلم: «فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ»:

كما قال تعالى {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ * الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ * وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ * إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [الشعراء: ٢١٧ - ٢٢٠]

ولهذه المرتبة ثمرات عظيمة ومنها أن الشخص إذا ما استحضر مراقبة الله -تعالى- له فإنه يزداد لله -تعالى- خشية ورهبة، مما يحمله على زجر النفس عن المعصية وحملها على الطاعة، قال تعالى (وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ) (الرحمن /٤٦)، وقال تعالى (وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (٤٠) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى) (عبس/٤١)

قال عبد الرحمن بن قاسم:

هذا القدر من الحديث أصل من أصول الدين، وقاعدة مهمة من قواعد العلم، وهو من جوامع الكلم التي أوتيها صلى الله عليه وسلم، فإن إحسان العبادة: هو الإخلاص فيها، والخضوع، وفراغ البال حال التلبس بها، ومراقبة المعبود، وأشار في الجواب إلى حالتين:

أرفعهما: أن يغلب عليه مشاهدة الحق بقلبه حتى كأنه يراه، والثانية: أن يستحضر الحق - تعالى - مطلعاً عليه، يرى كل ما يعمل. (٢)

* عود إلى حديث الباب:

قَالَ جبريل عليه السلام: فَأَخْبِرْنِي عَنِ الْسَاعة؟

قَالَ النبي صلى الله عليه وسلم: «مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ» معنى قوله: (ما المسئول عنها بأعلم من السائل) أن علم الساعة استوى الخلق فيه، حتى الملائكة والرسل لا يعلمون ذلك، وإنما هو مستأثر عند الله جل وعلا، لا يعلم وقتها إلا الله تعالى.

فهى من علم الله - عز وجل - الخاص به الذي لم يطلع عليه أحد،


(١) شرح الأربعين (ص/٢٢)
(٢) حاشية عبد الرحمن بن قاسم على الأصول الثلاثة (ص/١١٨)

<<  <  ج: ص:  >  >>