للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَاغِبَةٌ، أَفَأَصِلُ أُمِّي؟ قَالَ: «نَعَمْ صِلِي أُمَّكِ». (١)

عَنِ ابْنِ عُمَرَ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: رَأَى عُمَرُ حُلَّةً عَلَى رَجُلٍ تُبَاعُ، فَقَالَ

لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ابْتَعْ هَذِهِ الحُلَّةَ تَلْبَسْهَا يَوْمَ الجُمُعَةِ، وَإِذَا جَاءَكَ الوَفْدُ؟

فَقَالَ: «إِنَّمَا يَلْبَسُ هَذَا مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ فِي الآخِرَةِ»، فَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْهَا، بِحُلَلٍ، فَأَرْسَلَ إِلَى عُمَرَ مِنْهَا بِحُلَّةٍ، فَقَالَ عُمَرُ:

كَيْفَ أَلْبَسُهَا وَقَدْ قُلْتَ فِيهَا مَا قُلْتَ؟ قَالَ:

«إِنِّي لَمْ أَكْسُكَهَا لِتَلْبَسَهَا تَبِيعُهَا، أَوْ تَكْسُوهَا»، فَأَرْسَلَ بِهَا عُمَرُ إِلَى أَخٍ لَهُ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ. (٢)

* وكذا يقال في قبول الهدية من المشرك:

إذ الأصل هو جواز قبول الهدية من الكافر، تأليفاً لقلبه وترغيباً له في الإسلام، كما قبل النبي - صلى الله عليه وسلم - هدايا بعض الكفار، كهدية المقوقس وغيره.

وقد بوَّب البخاري في صحيحه: باب قبول الهدية من المشركين، قال رحمه الله: " وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ -رضى الله عنه-عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَاجَرَ إِبْرَاهِيمُ - عَلَيْهِ السَّلَام - بِسَارَةَ فَدَخَلَ قَرْيَةً فِيهَا مَلِكٌ أَوْ جَبَّارٌ فَقَالَ أَعْطُوهَا آجَرَ.

* وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّ يَهُودِيَّةً أَتَتِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِشَاةٍ مَسْمُومَةٍ، فَأَكَلَ مِنْهَا، فَجِيءَ بِهَا فَقِيلَ: أَلَا نَقْتُلُهَا، قَالَ: «لَا»، فَمَا زِلْتُ أَعْرِفُهَا فِي لَهَوَاتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (٣)

وختاماً:

فإذا أردنا أن نعطِّرالمجلس بكلمة في حق الصحابي الجليل حاطب -رضى الله عنه - فلن نجد أفضل ما قاله ابن القيم، ولنعم ما قال:

فتأمل قوة إيمان حاطب التي حملته على شهود بدر، وبذله نفسه مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإيثاره الله ورسوله على قومه وعشيرته وقرابته وهم بين ظهراني العدو وفي بلدهم، ولم يثن ذلك عنان عزمه، ولا فَل من حد إيمانه ومواجهته للقتال لمن أهله وعشيرته وأقاربه عندهم، فلما جاء


(١) متفق عليه. وقولها (راغبة) أي في الإسلام وقيل عنه أي كارهة له.
(٢) رواه البخاري (٢٦١٩) بَابُ الهَدِيَّةِ لِلْمُشْرِكِينَ.
(٣) متفق عليه. وكلمة (لهوات) جمع لهاة، وهي ما يبدو من الفم عند التبسم، وقيل هي اللحمة التي بأعلى الحنجرة من أقصى الفم.

<<  <  ج: ص:  >  >>