للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صار ذلك من أعلام الاعتقاد التى يمتازون بها. (١)

* فإن قيل:

وما الحكمة من نزول عيسى -عليه السلام- آخر الزمان دون غيره من الرسل؟

* والجواب هنا ما نص عليه ابن كثير، حيث قال:

أن المقصود إنما تقرير بطلان ما ادعته اليهود من قتل عيسى -عليه السلام-وصلبه، وتسليم من سلَّم لهم من النصارى الجهلة ذلك، فأخبر الله -تعالى - أنه لم يكن الأمر كذلك، وإنما شُبِّه لهم فقتلوا الشبيه وهم لا يتبينون ذلك، ثم إنه رفعه إليه، وإنه باقٍ حي، وإنه سينزل قبل يوم القيامة، كما دلت عليه الأحاديث المتواترة فيقتل مسيح الضلالة، ويكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، يعني لا يقبلها من أحد. (٢)

وقوله صلى الله عليه وسلم): حكماً مقسطاً..)

والحكم: الحاكم.

قال النووى:

والمعنى أنه ينزل حاكماً بهذه الشريعة؛ فإن هذه الشريعة باقية لا تنسخ بل يكون عيسى حاكماً من حكام هذه الأمة. (٣)

والمقسط: العادل. يقال: أقسط فهو مقسط: إذا عدل، ومنه قوله عزوجل:

{وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [الحجرات: ٩]، وقوله تعالى: {ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ} الآية [البقرة: ٢٨٢]، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم:

"إذا حكموا عَدَلوا، وإذا قَسَموا أقسطوا". (٤)

وأما قسط فهو قاسط: إذا جار، قال تعالى (وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا) (الجن/١٥)

قوله صلى الله عليه وسلم: " فَيَكْسِرَ الصَّلِيبَ وَيَقْتُلَ الخِنْزِيرَ... ":

وإنما قصد إلى كسر الصليب وقتل الخنزير من أجل أنهما فى دين النصارى المغترين المعتدين فى شريعتهم إليه،


(١) وانظر أصول السنة أحمد (ص/٣٤) وشرح العقيدة الطحاوية (ص/٤٩٩) ومقالات الإسلاميين (ص/٣٤٥) والشريعة للآجري (٣٨١)
(٢) تفسير القرآن العظيم (٤/ ٣٤٥)
(٣) شرح مسلم للنووى (٢/ ١٩٠)
(٤) أخرجه أحمد (١٩٥٤١) بسند حسن. وانظر البحرُ المحيط الثجَّاج في شرح صحيح مسلم بن الحجاج (٤/ ٢٧١)

<<  <  ج: ص:  >  >>