للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأخبر النبى - صلى الله عليه وسلم- أن عيسى - عليه السلام- سيغير ما نسبوه إليه كما غيَّره محمد صلى الله عليه وسلم. (١)

قال القاضي عياض:

فيه دليلٌ على تغييرآلات الباطل وكسرها، ودليلٌ على تغيير ما نسبته النصارى إلى شرعهم، وترك إقرارهم على شيء منه، وأنه يأتي ملتزمًا لشريعتنا. (٢)

وأما قتله للخنزير فدليل على أن الخنزير حرام في شريعة عيسى عليه السلام، وقتله له تكذيب للنصارى أنه حلال في شريعتهم.

* قال صلى الله عليه وسلم: وَيَضَع الجزية:

قيل في قوله: (ويضع الجزية) وجوه:

الأول:

أنه يحمل الناس على دين الإسلام، ولا يبقى أحد تجري عليه الجزية، فلا يقبلها ولا يقبل من الكفار إلا الإسلام، ومن بذل الجزية منهم لم يكف عنه بها، بل لا يقبل إلا الإسلام أو القتل. وقال بهذا ورجحه النووى والخطابي وابن حجر. (٣)

الثاني:

أنه يفرض الجزية على أهل الكتاب، فلا يبقى في الناس فقير يحتاج إلى المال، وإنما كانت تؤخذ الجزية فتصرف في المصالح، فإذا لم يبق للدين خصم عُدمت الوجوه التي تصرف فيها الجزية فسقطت.

الثالث:

وهو أنه يضرب الجزية، أى يفرضها على أهل الكتاب؛ وذلك لأن شرعه نسخ، فلما نزل استعمل شرعنا، ومن شرعنا ضرب الجزية. (٤)

والراجح الصحيح -والله أعلم- هو الوجه الأول.

*وأما ما ورد أن المراد بوضع الجزية: أي فرضها على أهل الكتاب فيرده أمور:

الأول: رواية أحمد عن أبي هريرة -رضى الله عنه- مرفوعاً:

" يَقْتُلَ الْخِنْزِيرَ وَيَكْسِرَ الصَّلِيبَ، وَتَكُونَ الدَّعْوَةُ وَاحِدَةً ". (٥)


(١) وانظر التوضيح لشرح الجامع الصحيح (١٤/ ٥٥٥) وشرح صحيح البخارى لابن بطال (٦/ ٦٠٤)
(٢) إكمال المعلم (١/ ٦٠٨).
(٣) وانظر معالم السنن (٣/ ٣٧٤) وشرح النووى على مسلم (١/ ٤٦٨) و فتح الباري (٦/ ٦٨٦)
(٤) كشف المشكل من حديث الصحيحين (٣/ ٣٢٥) والمفهم (١/ ٣٧٠)
(٥) أخرجه أحمد (٩١٢١)، وحسَّنه الأرنؤوط.

<<  <  ج: ص:  >  >>