للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذا نفي للنقيضين، ويقول علماء المنطق "النقيضان لا يجتمعان ولا يرتفعان معاً "، فلا يمكن أن نقول: لا داخل العالم ولا خارجه، ولا يمكن أن يكون داخل العالم وخارجه في نفس الوقت، فالنقيضان يستحيل في العقل ارتفاعهما معاً، كما يستحيل في العقل اجتماعهما معاً، بل لابد من ثبوت أحدهما وانتفاء الأخر. (١)

ولذلك قال أحد العقلاء لمن ادَّعى ذلك في الخالق:

ميِّز لنا بين هذا الرب الذي تعتقده وبين المعدوم؛ لأنه الذي لا داخل ولا خارج ولا ولا هذا هو الذي لا وجود له.

٦) ولهذا القول الفاسد - قول الجهمية المعطلة - من اللوازم الباطلة ما يكفى لرده ودحضه، وذلك أن نفى قبول أحد الوصفين -الدخول والخروج- من شأنه أن ينفى إمكان وجوده، فضلاً أن يكون واجب الوجود، بل هذا يجعله من قبيل المعدوم الممتنع.

٧) ومن هذه اللوازم الباطلة:

قولكم إنه تعالى لا داخل العالم ولا خارجه لأنهما من خصائص الأجسام!! ... مثله في البطلان كمثل قول الفلاسفة أن القيام بالنفس والقيام بالغير كلاهما منفى عن الله؛ لأنهما من خصائص الممكن، فكلاكما ينفي الإله حقيقة؛ إذ أن النفيين في ميزان العقل سواء. (٢)

*أما الرد على شبهاتهم:

فقد تأولت الجهمية قول الله: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ} [المجادلة: ٧]، وقوله: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} [الحديد: ٤] فقالوا: إن الله معنا وفينا!!

* وجواب ذلك:

أن المعية في لغة العرب: معناها مطلق المصاحبة، وهي تختلف باختلاف ما أضيفت إليه، فتقول العرب: لا زلنا نسير والقمر معنا، ويقول القائل: معي زوجتي، وإن كانت زوجته في بلد وهو في بلد.

فقوله تعالى- يقول: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ}،

ثم قال: {مَا


(١) وانظر نقد جوهرة التوحيد (ص/٢٧٥) وشرح العقيدة الطحاوية د سفر الحوالى (ص/٤٠٥)
(٢) وانظرتوضيح المقاصد وتصحيح القواعد (ص/٣٩٢) وشرح النونية لخليل هراس (١/ ١٨١)

<<  <  ج: ص:  >  >>