للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ} يعني الله بعلمه، {وَلا خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادسهم} يعني بعلمه {وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ} يعني بعلمه فيهم {إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عليم} فعاد الوصف على العلم، وبيَّن أنه إنما أراد بذلك العلم، وأنه عليم بأمورهم كلها، فقد فتح الخبر بعلمه، وختم الخبر بعلمه. (١)

قال أبوسعيد الدارمي:

أنكم جهلتم معناها؛ فضللتم عن سواء السبيل، وتعلَّقتم بوسط الآية، وأغفلتم فاتحتها وخاتمتها؛ لأن الله - عز وجل - افتتح الآية بالعلم، وختمها به؛ ففي هذا دليل على أنه أراد العلم بهم وبأعمالهم، لا بأنه نفسه في كل مكان معهم كما زعمتم، فهذه حجة بالغة لو عقلتم. (٢)

قال الضحاك بن مزاحم في قوله تعالى: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ}

: هو على عرشه، وعلمه معهم أينما كانوا. قال أحمد: هذه السنة. (٣)

* والإجماع قائم على حمل هذه الآيات على معية العلم:

وقد نقل هذا الإجماع غير واحد من أهل العلم، كما ذكر ذلك ابن كثير في تفسيره (٤/ ٨).

قال أبو عمر:

علماء الصحابة والتابعين الذين حمل عنهم التأويل قالوا في تأويل قوله عز وجل: {ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم} هو على العرش، وعلمه في كل مكان، وما خالفهم في ذلك أحد يُحتج بقوله. (٤)

قال أبو عمرو الطلمنكي الأندلسي:

وأجمع المسلمون من أهل السنة على أن معنى قوله تعالى: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} [الحديد: ٤] ونحو ذلك من القرآن: أن ذلك علمه، وأن الله فوق السماوات بذاته، مستوٍ على عرشه كيف شاء. (٥)


(١) انظر الرد على الزنادقة (ص/٢٩٦) والإبانة (٣/ ١٤٤) ومقدمة رسالة العرش (ص/١٥٧)
(٢) وانظر الرَّدُّ عَلى الجَهَمِّيَة للدارمى (ص/٤٩) وذم التأويل (ص/٥٩) ومنهج المتكلمين (٢/ ٨٣٢)
(٣) أخرجه ابن عبد البر في "التمهيد" (٧/ ١٣٩) وعبد الله بن أحمد في "السنة" (١/ ٣٠٤) وابن بطة في "الإبانة" (رقم /١٠٩) والبيهقي في "الأسماء والصفات" (٢/ ٣٤١/٩٠٩) وإسناده حسن.
(٤) وانظر التمهيد (٧/ ١٣٩) وإثبات صفة العلو (ص/١٦٦)
(٥) وانظر درء التعارض (٦/ ٢٥٠) واجتماع الجيوش الإسلامية (ص/٧٦)

<<  <  ج: ص:  >  >>