للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال مالك:

"اللهُ تعالى في السماء، وعلمه في كل مكانٍ؛ لا يخلو منه شيء". (١)

قال شيخ الإسلام ابن تيمية:

وليس معنى قوله: {وَهُوَ مَعَكُمْ} [الحديد: ٤] أنه مختلط بالخلق، فإن هذا لا توجبه اللغة، وهو خلاف ما أجمع عليه سلف الأمة، وخلاف ما فطر الله عليه الخلق، بل «القمر» آية من آيات الله، من أصغر مخلوقاته، هو موضوع في السماء، وهو مع المسافر، وغير المسافر أينما كان. (٢)

قال ابن القيم:

وقوله تعالى (ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٤)) (الحديد: ٤)

من أدل شيء على مباينة الرب لخلقه، فإنه لم يخلقهم في ذاته، بل خلقهم خارج عن ذاته، ثم بان عنهم باستوائه على عرشه، وهو يعلم ما هم عليه، فيراهم وينفذهم بصره ويحيط بهم علماً وقدرة وإرادة وسمعاً وبصراً، فهذا معنى كونه سبحانه " معهم أينما كانوا ". (٣)

*والحاصل مما سبق ذكره:

أن سياق هذه الأية التى شغبوا بها قد حدد المعنى المراد؛ واعتبار سياق الكلام مخصص لمدلولات الألفاظ، فالسياق كالنص في إفادة القطع وعدم قبول التأويل.

قال ابن القيم في النونية:

وأصغ لفائدة جليل قدرهَا... ... تهديك للتحقيق والعرفان

إِن الْكَلَام إِذا أَتَى بسياقه... يُبْدِي المُرَاد لمن لَهُ أذنان

أضحى كنص قَاطع لَا يقبل الـ.... تأْوِيل يعرف ذَا أولو الأذهان

فسياقه الْأَلْفَاظ مثل شَوَاهِد الـ..... أَحْوَال إنَّهُمَا لنا صنْوَان


(١) أخرجه ابن قدامة في "إثبات صفة العلو" (٧٦) وأبو داود في " مسائل الإمام أحمد" (ص/ ٢٦٣)، وسنده حسن. وانظرالصحيح المسند من أقوال الصحابة والتابعين (٢/ ٤٧)
(٢) اعتقاد الفرقة الناجية المنصورة إلى قيام الساعة أهل السنة والجماعة (ص/٨٤)
(٣) وانظرحادي الأرواح (ص/٢٩٥) والانتقاد الرجيح (ص/٧٣)

<<  <  ج: ص:  >  >>