الرسول صلى الله عليه وسلم، فكيف لهم أن يقرّوا عمر بن الخطاب - رضى الله عنه- أن يقدِّم أحداً - ولو كان العباس - على جاه الرسول - صلى الله عليه وسلم- إذا كان ذلك مشروعاً؟!!
* قالوا:
إنَّ فعْل عمر حين توسل بالعباس ليس لعدم مشروعية التوسل بجاه الرسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ بل لأجل بيان جواز التوسل بالمفضول مع وجود الفاضل، ولرعاية حق قرابته من النبي صلى الله عليه وسلم، دل على ذلك قول العباس في دعائه:" وقد توجه القوم بي إليك لمكاني من نبيك "!!
* والرد على ذلك:
قد ذكرنا قريباً أن الإجمال الوارد في قول عمر بن الخطاب رضى الله عنه:
" إِنَّا كُنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّنَا " قد جاء مبيناً في حديث أنس رضى الله عنه، مما دل على أن توسل الصحابة - رضى الله عنهم- إنما كان بدعاء النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم.
وعليه فترك الصحابة وعلى رأسهم عمر بن الخطاب - رضى الله عنهم- التوسل بالنبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - إنما كان لموته، لا غير.
وعليه فقول العباس في دعائه:
: " وقد توجه القوم بي إليك لمكاني من نبيك "، ليس بياناً لسبب العدول عن التوسل بالنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم إلى العباس، على ما جركم إليه فهمكم، بل لبيان سبب وقوع الاختيار على العباس -رضى الله عنه- دون غيره من الناس ليكون هو المتوسَل بدعائه عند الصحابة رضى الله عنهم.
* وأما الزعم العجيب أنَّ عمر -رضى الله عنه- حين توسل بالعباس -رضى الله عنه- لأجل بيان جواز التوسل بالمفضول مع وجود الفاضل فيقال:
لك أن تتصور أن عمربن الخطاب -رضى الله عنه- يرى الناس في حالة شديدة من الضنك والكرب، والشقاء والبؤس، يكادون يموتون جوعاً وعطشاً لشح الماء وهلاك الماشية، وخلو الأرض من الزرع والخضرة حتى سُمَّي ذاك العام بعام الرمادة، إضافة عن عظم المسئولية الملقاة على عاتقه وهو الراعى المسئول عن الأمة.
كل ذلك ثم يَرِد في خاطره تلك الأطروحة الفلسفية في هذا الظرف العصيب، فيدع الأخذ بالوسيلة الكبرى في دعائه، وهي التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم، لو كان ذلك جائزاً