للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* تنبيه:

لا يستدل على التفضيل بعظم الفعل أو التمادي فيه، ولو بلغ أقصى درجاته، وإلا للزم من ذلك تكفير أصحاب المصارف الربوية وأماكن الزنا، لكون القرائن قد اجتمعت واحتفت على تفضيلهم الزنا على العفاف، والربا على البيع، والكسب المشروع، وهذا معلوم البطلان. (١)

٥ - الحالة الخامسة:

التبديل:

وصورة ذلك أن يحكم بغير ما أنزل الله-تعالى- ويزعم أن ما حكم به هو حكم الله تعالى، وهذا كفر أكبر مخرج من الملة، يدل على ذلك:

حديث الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ-رضى الله عنه- لما مُرّواَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِيَهُودِيٍّ مُحَمَّمًا مَجْلُودًا، فَدَعَاهُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ:

... «هَكَذَا تَجِدُونَ حَدَّ الزَّانِي فِي كِتَابِكُمْ؟»، قَالُوا:

نَعَمْ، فَدَعَا رَجُلًا مِنْ عُلَمَائِهِمْ، فَقَالَ: «أَنْشُدُكَ بِاللهِ الَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى، أَهَكَذَا تَجِدُونَ حَدَّ الزَّانِي فِي كِتَابِكُمْ»، قَالَ:

لَا، وَلَوْلَا أَنَّكَ نَشَدْتَنِي بِهَذَا لَمْ أُخْبِرْكَ، نَجِدُهُ الرَّجْمَ، وَلَكِنَّهُ كَثُرَ فِي أَشْرَافِنَا، فَكُنَّا إِذَا أَخَذْنَا الشَّرِيفَ تَرَكْنَاهُ، وَإِذَا أَخَذْنَا الضَّعِيفَ أَقَمْنَا عَلَيْهِ الْحَدَّ، قُلْنَا: تَعَالَوْا فَلْنَجْتَمِعْ عَلَى شَيْءٍ نُقِيمُهُ عَلَى الشَّرِيفِ وَالْوَضِيعِ، فَجَعَلْنَا التَّحْمِيمَ، وَالْجَلْدَ مَكَانَ الرَّجْمِ، فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} (٢)

* وأما الإجماع:

فقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية:

والإنسان متى حلل الحرام - المجمع عليه - أو حرم الحلال - المجمع عليه - أو بدل الشرع - المجمع عليه - كان كافراً مرتداً باتفاق الفقهاء. (٣)

- يقول القرطبي:

إن حكم بما عنده على أنه من عند الله تعالى، فهو تبديل له يوجب الكفر. (٤)


(١) غوث التائق في معرفة حقيقة الياسق لأبي رقية الذهبي.
(٢) أخرجه مسلم (١٧٠٠)
(٣) وانظر مجموع الفتاوى (٣/ ٢٦٧) وأحكام القران لابن العربي (٢/ ٦٢٤)
(٤) تفسير القرطبي (٦/ ١٩١) وانظر تفسير الطبري (٦/ ١٤٦)

<<  <  ج: ص:  >  >>