للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

*وعليه:

فإن صورة التبديل الموجب للحكم بالكفر ليست محصورة في مطلق التغيير؛ بل هو الذى يُقرن مع التغيير وصفاً آخر، وهو الزعم أن هذا من دين الله تعالى. (١)

ثانيا: الحالات التى يكون فيه الحكم بغير ما أنزل الله شركاً أصغر:

١ - الحالة الأولى:

الاستبدال:

وصورتها أن يحكم بغير ما أنزل الله - تعالى - دون أن ينسب الحكم الذى جاء به لدين الله تعالى، بل تحمله شهوته وهواه على الحكم بغير ما أنزل الله، مع اعتقاده أن حكم الله هو الحق، واعترافه على نفسه بالخطأ.

*وحكم هذه الصورة أنها داخلة فى الشرك الأصغر، التى لا تُخرج صاحبها من الملة.

*ودليل ذلك الإجماع الذى نقله ابن عبد البر على ذلك، حيث قال:

وأجمع العلماء على أنَّ الجور فى الحكم من الكبائر، لمن تعمَّد ذلك عالماً به. (٢)

قال شيخ الإسلام ابن تيميه:

فمن لم يلتزم تحكيم الله ورسوله فيما شجر بينهم فقد أقسم الله بنفسه أنه لا يؤمن، وأما من كان ملتزماً لحكم الله ورسوله باطناً وظاهراً، لكن عصى واتبع هواه، فهذا بمنزلة أمثاله من العصاة. (٣)


(١) لذا فمن الخطأ البيِّن أن يطلق التبديل على التغييرالمجرد لشريعة الله - عزوجل- دون أن ينسب ذلك إلى الشريعة، كمن لا يعاقب - مثلاً - على الزنا إذا كان بالتراضي بين الطرفين، دون أن يقول مثلاً "هذا هو حكم الله".
فالفرق واضح بين فعل اليهود في نسبة تبديلهم للشريعة إلى حكم الله تعالى، وبين من فعل ذلك دون أن ينسب فعله إلى شرع الله.
*فإن قيل:
أن الحكم بالبراءة من جريمة الزنا إن كان بالتراضي بين الطرفين، هو الزام بخلاف الشريعة وتصحيح للزنا إذا كان بالتراضي؟؟
* قلنا:
نفرق هنا بين من قال: " الزنا حرام، وأنا أفعله "، وبين من قال: " الزنا حرام، ولايلزمني التحريم "، فالأول لا ينزل تحت حكم الكفر، لاحتمال أنه قال ذلك لشهوةٍ غلبته، وأما الثاني فذلك الذي لاخلاف في خروجه من الملة، فالخلط بين الأمرين خطأ بيِّن، والله أعلم.
(٢) التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (٥/ ٧٤)
(٣) منهاج السنة (٥/ ١٣١)

<<  <  ج: ص:  >  >>