للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤ - الرابع:

قال تعالى {وَلَوْلَا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [القصص: ٤٧]

قال ابن القيم:

فهذا يدل على أن ما قدَّمت أيديهم سبب لنزول المصيبة بهم، ولولا قبحه لم يكن سبباً، لكن امتنع إصابة المصيبة لانتفاء شرطها، وهو عدم مجيء الرسول إليهم، فمذ جاء الرسول انعقد السبب، ووجد الشرط، فأصابهم سيئات ما عملوا، وعوقبوا بالأول والآخر. (١)

وقال رحمه الله:

وهذا صريح في أن أعمالهم قبل البعثة كانت قبيحة بحيث استحقوا أن يصيبوا بها المصيبة، ولكنه سبحانه لا يعذِّب إلا بعد إرسال الرسل، وهذا هو فصل الخطاب.

وتحقيق القول في هذا الأصل العظيم أن القبح ثابت للفعل في نفسه، وأن الله -تعالى- لا يعذِّب عليه إلا بعد إقامة الحجة بالرسالة. (٢)

٥ - الخامس:

فارق بين حق المخلوق على الخالق سبحانه وتعالى، الذى هو سبيله التكرُّم والتفضّل والإحسان من الخالق على عباده، وبين حق المخلوق على المخلوق الذى سبيله الاستحقاق والإيجاب.

لذا فكل نصوص الوعد هى حق للعباد على ربهم، وهو إستحقاق فضل وإنعام، لا ينافي الاختيار والاستعلاء المطلق؛ لأن الله -تعالى- قد أوجب الثواب على نفسه، والإيجاب الصادر من الذات لا يستلزم الإلجاء إلى الإنجاز أو ينافي الاستعلاء المطلق. (٣)

* وقد بيَّن شيخ الإسلام ابن تيمية موقف السلف في مسألة الوجوب على الله تعالى،

حيث يقول:

وأما الإيجاب عليه سبحانه وتعالى، والتحريم بالقياس على خلقه، فهذا قول القدرية - أي المعتزلة - وهو قول مبتدع مخالف لصحيح المنقول وصريح


(١) مدارج السالكين (١/ ٢٣٢)
(٢) وانظر مفتاح دار السعادة (٢/ ٧) وانظر الوعد الأخروي (٢/ ٧٠٠)
(٣) الوعد الأخروي، شروطه وموانعه (١/ ٢٢٠)

<<  <  ج: ص:  >  >>