للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* والرد عليهم:

إن أشكلتهم بهذه الآيات على زعمكم الباطل، فيلزمكم أن تجيبوا عمَّا رواه أَبو هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

"لَنْ يُنْجِيَ أَحَدًا مِنْكُمْ عَمَلُه، قَالَ رَجُلٌ: وَلَا إِيَّاكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: "وَلَا إِيَّايَ، إِلَّا أَنْ يَتَغَمَّدَنِيَ اللهُ مِنْهُ بِرَحْمَةٍ، وَلَكِنْ سَدِّدُوا ". (١)

فالنص صريح أن أعمال العباد لن تنجيهم عند ربهم -تعالى- يوم القيامة!!

ولكنَّ أهل السنة جمعوا بين ما ظاهره التعارض؛ لأنهم دوماً هم أسعد الناس فهماً لأدلة الشرع، وأكثرهم توفيقاً وعملاً بنصوص الوحيين.

* فيقال:

لا تعارض بين الآية وما دل عليه الحديث، بل يُجمع بينهما من وجوه:

١ - الأول:

أنَّ دخول الجنة برحمته تعالى، ولكن انقسام المنازل بحسب الأعمال.

قَالَ ابن عيينة:

كانوا يرون النجاة من النار بعفو الله ودخول الجنة بفضله، واقتسام المنازل بالأعمال. (٢)

٢ - الثانى:

أن الآية دلت على أن الأعمال سبب لدخول الجنة، وليست ثمناً لها، وأما الحديث نفى أن تكون الأعمال ثمناً للجنة.

فالباء التي في النفي غير الباء التي في الإثبات، فالباء المنفية في قوله - صلى الله عليه وسلم -: (لَنْ يَنْجُوَ أَحَدٌ مِنْكُمْ بِعَمَلِهِ) هى باء العِوض والمقابلة، وهو أن يكون العمل كالثمن لدخول الرجل إلى الجنة، وأنَّ صاحب العمل يستحق عَلَى الله -تعالى- دخول الجنة كما يستحق من دفع ثمن سلعة إِلَى صاحبها تسليم سلعته، كما زعمت المعتزلة أن العامل مستحق دخول الجنة على ربه بعمله، بل نقول إن ذلك إنما يحصل برحمة الله وفضله.

والباء المثبتة في قوله (جَزَاء


(١) متفق عليه.
(٢) مجموعة رسائل ابن جب"المحجة فى سير الدلجة " (ص/٣٩٣)

<<  <  ج: ص:  >  >>