للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على العطاء والمنع، ودفع الضر وجلب النفع.

قال تعالى {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ} [التغابن: ١١]

قوله تعالى (ومن يؤمن بالله): يصدق أنه لا يصيبه إلا ما كتب الله تعالى له.

{يَهْدِ قَلْبَهُ} يوفقه لليقين، حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه، وللقول الحسن فلا يقول إلا ما يرضي الله عز وجل، إنا لله وإنا إليه راجعون ويسلم لقضاء الله - تعالى - وقدره.

* ومما صح في تفسير هذه الأية:

قال ابن عباس رضى الله عنهما:

قوله تعالى: (وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ) يعني: يهدي قلبه لليقين، يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه. (١)

وقال عبد الله بن مسعود رضى الله عنه:

«هُوَ الَّذِي إِذَا أَصَابَتْهُ مُصِيبَةٌ رَضِيَ وَعَرَفَ أَنَّهَا مِنَ اللَّهِ». (٢)

وعن زَيْد بْن ثَابِتٍ-رضى الله عنه- أن النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال:

" لَوْ أَنْفَقْتَ جَبَلَ أُحُدٍ ذَهَبًا فِي سَبِيلِ اللهِ، مَا قَبِلَهُ اللهُ مِنْكَ حَتَّى تُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ، وَتَعْلَمَ أَنَّ مَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ، وَمَا أَخْطَأَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ، وَلَوْ مِتَّ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ، لَدَخَلْتَ النَّارَ " (٣)

قال أبو العباس ابن تيمية:

فمن سلك هذا المسلك العظيم استراح من تعلق قلبه بالخلق ونظره إليهم، وتجرد التوحيد في قلبه، وتوكل على الله -تعالى - فهو حسبه. (٤)

قال ابن رجب:

إن العبد إذا علم أنه لن يصيبه إلا ما كتب الله -تعالى- له من خير وشر ونفع وضر، وأن اجتهاد الخلق كلهم على خلاف المقدور غير مفيد البتة علم حينئذ أن الله وحده هو الضار النافع، المعطي المانع، فأوجب ذلك للعبد توحيد ربه عز وجل


(١) أخرجه الطبري في التفسير (١٢/ ١١٦) وسنده حسن، وانظرموسوعة الصحيح المسبور من التفسير بالمأثور (٤/ ٤٩٥)
(٢) ذكره البخاري معلقاً (٨/ ٧١١) ووصله ابن حجر فى التغليق (٤/ ٣٤٢)
(٣) أخرجه أحمد (٢١٥٨٩)، وصححه الألبانى "الظلال " (٢٤٥).
(٤) مجموع الفتاوى (١/ ٩٣)

<<  <  ج: ص:  >  >>