وإفراده بالطاعة والخوف والرجاء والمحبة والسؤال
والتضرع والدعاء وتقديم طاعته على طاعة الخلق جميعاً، وأن يتقي سخطه ولو كان فيه سخط الخلق جميعاً، وإفراده بالاستعانة به والسؤال له، وإخلاص الدعاء له في حال الشدة وحال الرخاء. (١)
وقال تعالى (وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) ((يونس/١٠٧)
فإذا ما مسك ضر فلن يستطيع الخلق كلهم من أولهم إلى آخرهم أن يرفعوا هذا الضر عنك، إلا إذا أراده الله تعالى، وإذا أصابك خير قدَّره الله -تعالى- لك فلن يستطيع الخلق كلهم أن يمنعوا هذا الخير، إلا إذا أراد الله تعالى.
ولا شك أن لهذا الاعتقاد متعلقاً وثيقاً بتوحيد الربوبية؛ فإن الرب سبحانه هو المالك المدبر، المعطي المانع، الضار النافع، الخافض الرافع، المعز المذل، فمن شهد أن المعطي أو المانع، أو الضار أو النافع، أو المعز أو المذل غيره، فقد أشرك بربوبيته.
وقال سبحانه {قُلْ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنكُمْ وَلا تَحْوِيلاً}
[الإسراء - ٥٦]
فمن دلائل بطلان عبادة من سوى الله - عزوجل - أنهم لا يملكون كشف الضر عن المرء ولا تحويله، فهذا أحد أوجه الاستدلال بتوحيد الربوبية على توحيد الألوهية.
* الفائدة السادسة: قوله صلى الله عليه وسلم:
" رُفِعَتِ الْأَقْلامُ، وَجَفَّتِ الصُّحُفُ ":
والمعنى:
أن الله -تعالى- قد قضى كل شيء وقدَّره تقديراً، وأمر بكتابة هذا الذى قدَّره فى اللوح المحفوظ، ويسمى أيضاً أم الكتاب، و الكتاب المبين.
قال تعالى {وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ} (القمر/٥٣)، وقال الله تعالى: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ
(١) جامع العلوم والحكم (١/ ٤٨٥) بتصرف يسير.