للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن القيم:

ومما ينبغى أن يعلم أن عذاب القبر هو عذاب البرزح، فكل من مات وهو مستحق للعذاب ناله نصيبه منه، قُبر أو لم يُقبر، فلو أكلته السباع أو أُحرق حتى صار رماداً ونسف في الهواء أو صلب أو غرق في البحر وصل إلى روحه وبدنه من العذاب ما يصل إلى المقبور. (١)

* ويلخص ما سبق كلام بديع للسمعانى، حيث قال هو لما ذكر أمور الغيب من عذاب القبر وسؤال الملكين والحوض والميزان والصراط، قال رحمه الله:

وهذه أمور لا ندرك حقائقها بعقولنا، وإنما ورد الأمر بقبولها والإيمان بها،

فإذا سمعنا شيئاً من أمور الدين وعقلناه وفهمناه فلله الحمد في ذلك والشكر، ومنه التوفيق، وما لم يمكنا إدراكه وفهمه ولم تبلغه عقولنا آمنا به وصدَّقنا واعتقدنا أن هذا من قبل ربوبيته وقدرته، واكتفينا في ذلك بعلمه ومشيئته، وقال تعالى في مثل هذا {ويسألونك عَن الرّوح قل الرّوح من أَمر رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ من الْعلم إِلَّا قَلِيلا}. (٢)

* تنبيه وتصحيح:

قد ذهب بعض المعتزلة إلى أن الله - سبحانه -يعذِّب الموتى في قبورهم، ويحدث فيهم الآلام وهم لا يشعرون فإذا حشروا وجدوا تلك الآلام وأحسوا بها، وقالوا بأن سبيل المعذَّبين من الموتى كسبيل السكران والمغشى عليه لو ضربوا لم يجدوا الآلام، فإذا عاد عليهم العقل أحسوا بألم الضرب. (٣)

*وقد رد شيخ الإسلام ابن تيمية على ذلك، وبيَّن أن الأمر على خلاف ذلك، فقال رحمه الله:

ولا يجوز أن يقال ذلك الذي يجده الميت من النعيم والعذاب مثلما يجده النائم في منامه؛ بل ذلك النعيم والعذاب أكمل وأبلغ وأتم. وهو نعيم حقيقي وعذاب حقيقي، ولكن يذكر هذا المثل لبيان إمكان ذلك إذا قال السائل: الميت لا يتحرك في


(١) الروح (ص/٥٨)
(٢) الانتصار لأصحاب الحديث (ص/٨٢)
(٣) الروح (ص/ ٥٨)

<<  <  ج: ص:  >  >>