(ومنها) سمكة وجهها كوجه الإنسان، وبدنها كبدن السمك، وعلى وجهها نقط وتظهر على وجه الماء.
(ومنها) سمكة تطفو على وجه الماء، فإذا رأت حيوانا مفتوح الفم تدخل في فمه وتصير غذاءه، ذكره صاحب (تحفة الغرائب).
(ومنها) حيوان يطلع من الماء ويرتفع والنار تخرج من منخره وتحرق ما حول مراتعه، فإذا رأوا الأرض المحترقة عرفوا أنها مراتع ذلك الحيوان، ذكره صاحب (تحفة الغرائب).
(ومنها) سمكة طيارة تطير ليلا وتأكل الحشيش طول الليل، فإذا كان قبل طلوع الشمس عادت إلى البحر (١).
[فصل: في جزائر هذا البحر]
اعلم أن أكثر جزائر هذا البحر المسكونة معمورة يأتيها الرجال.
(منها) جزيرة خارج بها معادن اللؤلؤ، ذكر البحريون أن صدف الدر لا يوجد إلا في بحر تصب فيه الأنهار العذبة، فإذا أتى وقت الربيع يكثر هبوب الرياح وارتفاع الأمواج، فتحمل رشاشات من بحر أو قياس، وفيه ماء شبيه بالزئبق لزج مثل الغراء، فيتولد منه الدريان، تقع تلك الرشاشات في محل الصدف فيلقمه الصدف كما يلقم الرحم المنى، فربما وقعت فيه قطرة كبيرة فتنعقد درّا كبيرا، وربما تقع رشاشات فتنعقد منها أجزاء صغار كما ترى في أكثر الأصداف، ثم إن الصدفة إذا التقمت المطر خرجت من قعر الماء إلى ظاهره عند هبوب الشمال وطلوع الشمس وغروبها، ولا تخرج في وسط النهار، فإن شدة حرارة الشمس ووهجها تفسد الدر، فإذا خرجت فتحت فاها ليقع الشمال على الدر فينعقد من الأثر الشمال وحرارة الشمس، ويتكون في الصدف كما يتكون الجنين في الرحم، ثم إن جوف الصدف إن كان خاليا من الماء المر يكون الدر كدرا أو أصغر غير مهندم، وإذا تم الدر في الصدف ينتقل الصدف إلى موضع صلب وتثبت عروقه فيه ويكون عند الناس خيرا من وصول قفل الصدف، فإذا انتقل إلى أرض البحرين يهني الناس بعضهم بعضا بوصول قفل الصدف، والغواص إذا نزل لإخراجه يقلعه من الأرض بالقوة، فما أخرج في وقته يبقى طريّا صقيلا، وما أخرج قبل وقته أو بعده لا يبقى كذلك، بل يتغير لونه، والله الموفق.
(١) كل هذه المخلوقات لا شك أنها موجودة، وقد اتضح من مبهماتها الكثير، ويمكن أن تكون معروفة لدينا الآن بأسماء مختلفة، صدق الله العظيم حينما يقول: ﴿وَيَخْلُقُ ما لا تَعْلَمُونَ﴾.