إلى أن تصير الشمس إلى الحوت، وألين ما يكون عند نزول الشمس بالقوس، وفي هذا البحر عجائب كثيرة من الجزائر والحيوان وغيرهما، فلنذكر بعضها إن شاء الله تعالى.
[فصل: في جزائر هذا البحر]
قال بطليموس (١): إن في هذا البحر من الجزائر ما يزيد على عشرين ألف جزيرة، وفيها من الأمم ما لا يحصى عددهم، لكن المشهور منها ما يصل إليه أهل بلادنا.
(منها) جزيرة برطاييل، وهي قريب من جزيرة الراتج، قال ابن الفقيه: بها قوم وجوههم كالمجانّ المطرقة، وشعورهم كأذناب البراذين، وبها الكركدن، وبها جبال يسمع منها بالليل صوت الطبل والدف والصياح المزعج والصيحة المنكرة.
والبحريون يقولون: إن الدجال فيها ويخرج منها، وفي هذه الجزيرة يباع القرنفل، وذلك أن التجار ينزلون عليها ويضعون بضاعتهم وأمتعتهم على الساحل ويعودون إلى مراكبهم ويبيتون فيها، فإذا أصبحوا جاءوا إلى أمتعتهم فيجدون إلى جانب كل بضاعة شيئا من القرنفل، فإن رضيه أخذه وترك البضاعة، وإن أخذ البضاعة والقرنفل لم تقدر مراكبهم على السير حتى يرد أحدهما إلى مكانه، وإن طلب أحدهم لزيادة ترك البضاعة والقرنفل فيزاد له فيه.
وذكر بعض التجار: أنه صعد هذه الجزيرة فرأى فيها قوما مردا صفرا وجوههم كوجوه الأتراك، آذانهم مخروقة، ولهم شعور على زي النساء، فغابوا عن بصرهم، ثم إن التجار بعد ذلك أقاموا مدة يترددون إلى الساحل فلم يخرجوا إليهم شيئا من القرنفل، فعلموا أن ذلك سبب نظرهم إليهم، ثم عادوا بعد سنين إلى ما كانوا عليه.
وخاصية هذا القرنفل أنه إذا أكله الإنسان رطبا لا يهرم ولا يشيب شعره، ولباس هذه الأمة ورق شجرة يقال لها: اللوف، يأكلون ثمرتها ويلتحفون بورقها، ويأكلون أيضا السمك والموز والنارجيل، ويصطادون من البحر حيوانا على شكل السرطان، وهذا الحيوان إذا خرج إلى البر صار حجرا صلدا، وهو مشهور يدخل في الأدوية التي تتعلق بالكحل.
(ومنها) جزيرة السلامة، يجلب منها الصندل والنبل والكافور، ويخرج إليها من البحر سمكة تصعد الأشجار وتأكل فواكهها وتمصها مصّا ثم تسقط كالسكران؛ فيأتي الناس فيأخذونها.
(١) أحد علماء اليونان المشهورين في علم الفلك والجغرافيا.