قعر المعدة فوجب أن يكون أوسع وفم المعدة مفتوح أبدا لأن وضعه فوق المعدة فلا يخرج منه ما في المعدة وخلق مجراها إلى الأمعاء، بحيث ينفتح في وقت وينغلق في وقت؛ لأن وضعه أسف فيحتاج الغذاء إلى أن يلبث فيه ريثما ينهض، فلو كان مفتوحا لنزل الغذاء فيه من غير هضم، فإذا صار الغذاء نضيجا كف الماسكة عن الإمساك، وأخذت الدافعة في الدفع إلى الأمعاء وخلق من خارج المعدة عليها غشاء وترب، أما الغشاء فليكون وقاية لها ويربطها بالأعضاء التي حولها، وأما الترب فلتسخين المعدة بالحار الدسم، وجعل الترب من قدام أكثر؛ لأن توقع وصول البرد من هذا الجانب أكثر وخلق فم المعدة عصبانيا ليكون قوي الإحساس بالحاجة إلى الغذاء وخلق قعرها لحما نيّا لينضج الغذاء بحرارة اللحم.
[النوع الثامن: المعي]
وهو جسم من جوهر المعدة مجوف ليس بواسع التجويف، له شظايا بالطول والعرض والورب، ينزل فيه ما انهضم في المعدة من الغذاء، وهذا الجسم ينعطف ويلتف وفي مروره عطاف كثيرة، ويليه من الكبد جداول كثيرة ضيقة، وإنما خلق من جوهر المعدة ليتم فيه هضم ما قصرت المعدة عن هضمه، وإنما خلق ضيقا ليكون اشتماله على ما ينفذ فيه زمانا طويلا فيتمكن من هضم الغذاء، وأما طوله فليهضم الثاني ما فات الأول وهكذا إلى آخرها، ولا يبقى مع الفضول غذاء فيه، وأما الشظايا فالموضوع بالطول لجذب الغذاء، والموضوع بالعرض لدفعه، والموضوع بالورب لإمساكه والأمعاء جميعا ستة، وفي آخرها تجويف واسع يجتمع فيه التفل كما يجتمع البول في المثانة، وعلى طرف هذا المعاء العضلة المانعة حتى تطلقه عند الإرادة.
[النوع التاسع: الكلية]
وهي جسم صلب لحمي من شأنه تصفية الدم (١) يجذب مائية ويرسل تلك المائية إلى المثانة، وهما اثنتان على جنبي خرز الصلب بالقرب من الكبد، ولكل واحد منهما عنقان: أحدهما: يتصل بالعرق الطالع من جذبه الكبد، والآخر: يمر إلى المثانة ولما كان الغذاء محتاجا إلى قوام رقيق ليمكن نفوذه في العروق الدقيقة، ولا بد لها من قوام صالح جذبت الكلية منها ما زاد على قدر الحاجة وأرسلتها إلى المثانة، وخلق كليتان إذ لو كانت واحدة لكبر جرمها فإن وضعت في أحد الجانبين مال البدن إليها، وإن وضعت في الوسط انفعلت عن الفقار.