للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[فصل: في أقاليم الأرض]

واعلم أن الربع المسكون (١) قد قسم سبعة أقسام؛ كل قسم يسمى إقليما كأنه بساط مفروش من المشرق إلى المغرب، طوله وعرضه من جهة الجنوب إلى جهة الشمال، وهي مختلفة الطول والعرض، فأطولها وأعرضها الإقليم الأول، فإن طوله من المشرق إلى المغرب نحو من ثلاثة آلاف فرسخ، وعرضه من الجنوب إلى الشمال نحو من مائة وخمسين فرسخا.

وأقصرها طولا وعرضها الإقليم السابع؛ فإن طوله من المشرق إلى المغرب نحو من ألف وخمسمائة فرسخ، وعرضه من الجنوب إلى الشمال نحو من سبعين فرسخا.

وأما سائر الأقاليم التي بينهما فيختلف طولها وعرضها بالزيادة والنقصان، ثم إن هذه الأقسام ليست أقساما طبيعية، لكنها خطوط وهمية، وضعها الملوك الأولون الذين طافوا بالربع المسكون من الأرض؛ ليعلم بها حدود البلدان والممالك مثل: أفريدون وإسكندر وأردشير.

[فصل: فيما يعرض للأرض من الزلزلة والخسف]

زعموا أن الأدخنة والأبخرة الكثيرة إذا اجتمعت تحت الأرض ولا يقاومها برودة حتى تصير ماء، وتكون مادتها كثيرة لا تقبل التحليل بأدنى حرارة، ويكون وجه الأرض صلبا لا يكون فيها منافذ ومسام.

فالبخارات إذا قصدت الصعود ولا تجد المسام والمنافذ تهتز منها بقاع الأرض وتضطرب كما يضطرب بدن المحموم عند شدة الحمى؛ بسبب رطوبات عفنة احتبست في خلال أجزاء البدن؛ فتشتعل فيها الحرارة الغريزية؛ فتذيبها وتحللها وتصيرها بخارا ودخانا، فيخرج من مسام جلد البدن؛ فيهتز من ذلك البدن ويرتعد، ولا يزال كذلك إلى أن تخرج تلك المواد، فإذا خرجت يسكن، وهذه حركات بقاع الأرض بالزلزال فربما يشق ظاهر الأرض ويخرج من الشق تلك المواد المحتبسة دفعة وحدة (٢)، والله أعلم.


(١) أي: الربع المسكون من الأرض، فالأرض ثلاثة أربعها بحار ومحيطات، وربع يابس.
(٢) وهذا يسمى البركان، وقد ذكر الخسف في القرآن الكريم في قصة قارون قال تعالى: ﴿فَخَسَفْنا بِهِ وَبِدارِهِ الْأَرْضَ﴾، وقد ذكرت الزلزلة أيضا في الحديث عن يوم القيامة، قال تعالى: ﴿إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها * وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها﴾.

<<  <   >  >>