للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإن رأيت شيئا يكون بينه وبين المسئول مناسبة أو مشابهة أجبت على وفق ذلك، فإنك لما سألتني رأيت قربة فيها ماء مع رجل سقاء فقلت: السؤال عن محبوس، ولما سألتني ثانيا: رأيت تلك القربة بعينها قد أفرغت وألقاها الرجل السقاء على منكبه فقلت: يخرج ويخلع عليه، والله أعلم بغيبه.

[النظر الثالث في تولد الإنسان]

اعلم: أن الغذاء إذ ورد المعدة وأثرت فيها القوة الهاضمة تصفيه وتجذب ما فيه إلى الكبد يقسمه على جميع البدن، وما فضل من الغذاء في الهضم الأخير يبعث إلى النخاع، ومن النخاع إلى الأشبين فيستحيل فيهما إلى طبيعة المني يدغدغ ويهيج اضطراب القدم، فلا يسكن إلا بنفض تلك المادة فيكون ذلك سبب اجتماع الذكر والأنثى، فإذا حصلت النطفة في الرحم صار نطفة الذكر والأنثى ممتزجين على شكل كرة فتنعقد عليها بحرارة الرحم قشرة رقيقة ما ترى في العجين إذا وضع في شيء حار، وتتشبث بها أفواه العروق التي يرد منها دم الحيض إلى الرحم، ثم إن القوة المصورة بإذن الله تعالى تجمع دهنية النطفة فتأخذ منها حصة إلى الوسط إعدادا للقلب، ومن عن يمينه حصة للكبد ومن أعلاه حصة للدماغ، ثم تخلق السرة متصلة بوريد وشريان وهذا يتم في ستة أيام، ثم تأخذ في التخطيط والتنقيط ويتم ذلك إلى خمسة عشر يوما، ثم ينفذ دم الحيض في جميع الكرة فيصير علقة وبعده بإثنى عشر يوما تصير الرطوبة لحما متميزا الأجزاء وتمتد رطوبة النخاع فإنه أساس البدن، وبعده بسبعة أيام ينفصل الرأس عن المنكبين والأطراف من الضلوع والبطن إلى أربعين يوما، ثم يظهر عظامه وتكسى العظام باللحم المتولد من دم الحيض، كما قال الله تعالى: ﴿ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً فِي قَرارٍ مَكِينٍ (١٣) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظاماً فَكَسَوْنَا الْعِظامَ لَحْماً ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ﴾ [المؤمنون:

١٣ - ١٤].

[فصل في وضع الجنين في الرحم]

قال بقراط: إنه جالس ورأسه على ركبتيه وعضده ملتصقتان بأضلاعه ويداه حاملتان لرأسه، ورأسه نحو رأس الأم ورجلاه نحو رجليها، مقبوض الأعضاء على غاية ما يمكن من الهندام، ووجهه إلى صلب حاملته وصلبه إلى مراقها، وكونه على هذا الوضع بعناية الله ﷿، وذلك أن الرأس أثقل من سائر الأعضاء فاحتيج إلى ما يحمله فأسنده بالركبتين والركبتان ضعيفتان رطبتان خفف عنهما بأن عاونتهما اليدان في الحمل، وصير الوجه إلى جانب صلبها

<<  <   >  >>