للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وحكى القاضي محمد بن سهل الواسطي أنه خرج صناع لقطع القصب من قرنه على نهر جعفر فرأوا شبلا كالسنور فقتله أحدهم، فقال الباقون: الساعة يأتي أبواه يطلبانه ونحن نبيت في الصحراء فلا نأمن، فما كان بأسرع من أن سمعنا زئير الأسد فهربنا ولجأنا إلى بيت خارج الأجمة فصعدنا الغرفة ولها باب فلما رأى الأسد شبله قتيلا جاء على أثرنا فوجدنا مجتمعين في الغرفة فجعل يثب نحو الغرفة حتى يصعد، فلم يقدر فصعد أكمة هناك وصاح صيحة شديدة فأتى بضعة عشر سبعا فلما جاءوا الغرفة فلم يقدروا ونحن كالموتى، فاجتمعت السباع كالحلقة وصاح صيحة هائلة فما كان إلا ساعة حتى جاء سبع أسود هزيل متجرد الشعر طويل فتلقته السباع، ووقفت بين يديه فجاء نحو الغرفة والسباع حوله فوثب حتى صعد إلى باب الغرفة ونحن قد أغلقناه وقعدنا خلفه فلم يزل يدفع الباب بمؤخره حتى كسر منه لوحين فدخل عجزه ألينا فعمد أحدنا إلى ذنبه وجذبناه إلى داخل وقطعناه بمنجل فصاح صيحة عظيمة منكرة ورمى نفسه إلى الأرض، فلم يزل يخدش السباع وينهشها حتى قتل غير واحد منها، وهربت السباع من بين يديه، وهام هو في الصحراء يتبعها، فنزلنا ولحقنا بالقرية وأخبرنا أهلها بما رأينا، فقال شيخ كبير:

إنه كالجراد العتيق إذا قطع ذنبه أكله الفأر، والله أعلم.

[فصل في خواص أجزائه]

(سنه) من استصحبه أمن من وجع السن، ويعلق على الصبي تنبت أسنانه بسهولة.

(مرارته) تسقى الإنسان يبقى جريئا جسورا شجاعا مقداما، ويزول عنه الصرع وداء الثعلب، والاكتحال به يمنع سيلان الدم، وتطلى به الخنازير يستأصلها.

(شحمه) يطلى به البواسير والأورام والحارة ينفعها، ويطلى به الوجه والبدن لا يقربه شيء من السباع وإن ترك في بيت يهرب منه الفأر والعقرب، ولو ألقي فقي ظرف ماء لا يشربه شيء من الدواب، والشحم الذي بين عينيه يذاب ويمسح به الرجل وجهه يهابه كل من يراه.

(لحمه) ينفع الفالج والاسترخاء.

(دمه) إذا طلي به السرطان يزيله وكذا جميع أنواع السباع وإذا مزج بالحتليت (١) وطلي به البرص مرارا أزاله.


(١) كذا في الأصل.

<<  <   >  >>