للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومنها ما قياسه قياس المجن كعظم اليافوخ، ومنها ما هو كالدافع يدفع به المؤذي كالأساس على فقار الظهر، ومنها ما هو لسد فرج بين التناسل كالعظام السمسمانيات بين السلاميات، وما خلق للدعامة والوقاية خلق مصمتا لزيادة الحاجة إلى صلابته، وما كان لأجل الحركة خلق مجوفا ليكون جرمه خفيفا وجوفه يكون محل غذائه وهو المخ فيغذيه ويربطه كيلا يتفتت. والحكمة في أن كل عضو خلق من عظام لا من عظم واحد؛ لأن الآفات صائبة لها، فعند ذلك يسلم الآخر بخلاف ما إذا كان عظما واحدا فإن الآفة إذا أصابت بعض أطرافها صار الكل موجعا، وأيضا عند الحاجة إلى حركة بعضها لا يفتقر إلى حركة؛ لأن الكل وجميع العظم إذا عدت تكون مائتين وثمانية وأربعين عظما سوى السمسمانيات وعظم الحنجرة الشبيهة باللام.

[النوع الثاني: في الغضروف]

وهو جسم متوسط بين اللحم والعظم في الصلابة واللين، ينبت على أطراف العظام في موضع دعت الحاجة فيه إلى العظم وإلى اللحم، فيدخل الغضروف بينهما حتى لا يتأذى اللحم بصلابة العظم ولا يتألم العظم برطوبة اللحم، وأيضا إنها آلات الحركة والاحتكاك تكسر اليابس وتفسخ الرطب فاحتاج إلى متوسط لا ينكسر ولا ينفسخ برطوبته وهو الغضروف.

[النوع الثالث: العصب]

وهو جسم لين لدن ينشأ من الدماغ والنخاع كنهر يأخذ من عين، فالعين الدماغ والنهر النخاع، وفائدته الحس والحركة لسائر الأعضاء، ولما كان الدماغ غير محتمل للأعصاب ينشأ منها ويصل إلى أقصى غاية البدن، أجرى الله تعالى منها نهرا في الدماغ ليتشعب منه الجداول، وتصل إلى جميع أجزاء البدن، وأما أعصاب الرأس فتفيد الحس والحركة للوجه والأعضاء الباطنة، وأما سائر الأعضاء الظاهرة فإنها تستفيد بالحس والحركة من النخاع.

[النوع الرابع: الرباط]

وهو جسم كالعصب في الشكل إلا أنه أصلب منه ينشأ من العظام فيربط بعضها ببعض، ولما كانت الحركة الإرادية إنما تكون بقوة تفيض من الدماغ بواسطة العصب والعصب لدن لطيف لا يحسن اتصاله بالعظام بلطف البارئ تعالى بإنبات جسم من العظام شبيه بالعصب أصلب منه وألين من العظام وهو الرباط؛ ليحسن اتصال العصب بالعظم بواسطته.

<<  <   >  >>